للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأخت العزيزة، إنك تعانين من مرض عصابي يعرف باسم "المخاوف المرضية غير المنطقية"، وهذا النوع يكثر لدى الإناث أكثر منه لدى الذكور، فمن حيث الخوف الموجود لديك مثلاً من الأماكن العالية فإن ذلك قد يرتبط بخبرة سيئة سابقة قد حدثت لك في الطفولة وعلى سبيل المثال قد تكونين قد انزلقت أو وقعت من على سلم أثناء طفولتك وأحسست بألم شديد أو قد تكونين جرحت جرحاً بالغاً - وهو ما بدا واضحاً عليك في الخوف من الأماكن المرتفعة وهكذا كل الأشياء التي ذكرتها فإنها ترمز لأشياء في الوجود سواء كانت الطائرات أو الحشرات.

فأنت مصابة بخوف غير منطقي هو رمز لخوف على المستوى اللاشعوري كما ذكرت. الأخت صاحبة المشكلة لقد ذكرت لنا في عرض المشكلة أنك ملتزمة ومتمسكة بالدين ومواظبة على قيام الليل وهذا شيء طيب وهو نوع من المحافظة - إلا أننا نقول لك: يبدو أنك منطوية على نفسك أكثر من اللازم، وهنا فإن ما يحدث لك نتيجة المزاج الفطري الولادي، وانشغالك بأفكارك الخاصة فإنك تضخمين الأفكار أكثر من اللازم (المخاوف) .

ونتيجة لتضخيمك لهذه المخاوف وتلك الأفكار تعيشين حالة من القلق والخوف من المستقبل خاصة مرحلة الشيخوخة - وهنا أسألك سؤالاً مؤداه: هل رأيت أو سمعت قصة لكائن حي قد يكون حيواناً أو إنساناً ماذا حدث له في كبره من مخاطر وآلام؟

فإذا كان الأمر كذلك فعليك بتصحيح الفكرة مقنعة نفسك بأن للإنسان دورة حياة لا بد أن يمر بها حتى يصل إلى هذه المرحلة وهي سنة الحياة وعليك أن تتقبلي الأمر. إلا أننا نقول لك بعض النصائح للتغلب على تلك المخاوف غير المنطقية:

• ضعي قائمة بمخاوفك غير المنطقية واسم تلك المخاوف ووصفها؛ لأن ذلك يساعد على وضعها تحت السيطرة الشعورية الإرادية.

• افحصي مخاوفك واسألي نفسك ما الذي ترمز إليه هذه المخاوف (الأشياء) ؟ لأنك قد تكتشفين أن بعض هذه المخاوف الظاهرة هي مجرد أشباح لها مادة حقيقية - وحاولي أن تتعاملي معها بواقعية فإن تلك الصراعات قد تكون هي جذور المخاوف.

• بالنسبة للخوف من الحفلات فهذا يعرف "بالمخاوف الاجتماعية" وللتغلب عليها فهذا يتطلب منك أن تستخدمي العلاج المعرفي السلوكي بنفسك وذلك من خلال تصور نفسك بصرياً وتخيلي أنك ستقومين بإلقاء كلمة تحيين فيها الحاضرين - صحيح سيكون فيه قلق عندما تتخيلين ذلك مع نفسك - إلا أنك مع زيادة تكرار هذه الصورة البصرية مع نفسك سينخفض القلق لديك - وستجدين بعد ذلك أن بإمكانك الذهاب للحفلات والاجتماعات ولا أخفي عليك أنه في المرة الأولى سيكون فيه كم من القلق إلا أنه ضئيل ومع تكرار الموقف بمواجهة الناس سيزول القلق وتزداد الثقة بالذات ومن ثم يزول الخوف.

وإذا كنت قد تعينت ذاتياً بوالديك (التوحد) اللذين يخافان من الأشياء في الوجود فعليك ألا تتعيني بهما أو تتوحدي بأي منهما، وعليك أن تقولي لنفسك أنا لست مثلهما - لو كان لديهما مخاوف غير منطقية فتلك مشكلتهما، ولا حاجة بي من أن أقلدهما، وأنا شخصية مختلفة عن أي منهما، وأخيراً أسأل الله أن أكون قد وفقت في تقديم ما ينفعك أيتها الأخت السائلة، وبعون الله ستتخلصين مما يؤرقك، والله الموفق.

<<  <  ج: ص:  >  >>