(٨) مما لا شك فيه أنه لا يمكن العمل بالقرآن إلا بالأخذ بالسنة، ولا تصح السنة ولا تثبت إلا بطريقة أهل الحديث، وأهمها جذر الإسناد، وهم الصحابة - رضي الله عنهم-، ولذا يقول أبو زرعة الرازي - رحمه الله -: "إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاعلم أنه زنديق؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، فهم زنادقة" أخرجه الخطيب البغدادي في (الكفاية)(ص ٦٦-٦٧) ، وكان قد قال قبله:"على أنه لو لم يَرِد من الله - عز وجل - ورسوله فيهم - أي الصحابة - شيء مما ذكرناه، لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد والنصرة وبذل المُهَج والأموال، وقتل الآباء والأولاد، والمناصحة في الدين، وقوة الإيمان واليقين، القطع بعدالتهم والاعتقاد لنزاهتم، وأنهم أفضل من جميع المعدَّلين والمزكين الذين يجيئون من بعدهم أبد الآبدين " ا. هـ.
(٩) هناك سؤال عكسي نوجهه لمن يثير هذه الشبهة، فنقول: ما هو البديل في نظرك؟
أ. فهل ترى أن الإسلام يؤخذ من القرآن فقط؟.
فقل لي: من الذي نقل إلينا القرآن؟ ومن الذي جمعه؟ وهل تستطيع أن تقيم الإسلام بالقرآن فقط؟ وماذا نصنع بالآيات الكثيرة الدالة على وجوب الأخذ بالسنة، كقوله - تعالى -:"وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا"[الحشر:٧] ، وقوله - تعالى-: "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون"[النحل:٤٤] .
ب. أو ترى أنه يؤخذ بالسنة، ولكن من طريق صحابة بأعيانهم ثبتت لديك عدالتهم، ومن عداهم فلا؟ فسمَّهم لنا وبيَّن لنا موقفك من البقية الباقية بكل وضوح، وسترى من الذي تنتقض دعواه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.