أما الجواب عن السؤال الذي يحتج به الشيعة على أن عمر - رضي الله عنه - قد أمر بغير ما شرع الله! فليس: للشيعة متمسك في هذا الأثر على أن عمر - رضي الله عنه - أمر بغير شرع الله - حاشاه من ذلك - وإذا كان هذا - أعني دعوى الأمر بغير شرع الله - لا يتصور في آحاد الصالحين من هذه الأمة، فكيف يتصور ذلك في الخليفة الراشد الذي أجمعت الأمة في وقته على صحة خلافته؟ ولكنه الهوى والتعصب يجعل من الأسود أبيض ومن الأبيض أسود!! نعوذ بالله من الهوى.
واعلم أنه ما من أحد من العلماء - إلا ما ندر - إلا وله من الأقوال والآراء ما يخالف فيه السنة، نظراً لأن السنة لا يمكن لأحد أن يحيط بها إحاطة تامة، بحيث لا يشذ عنه منها شيء، هذا لم يقع لكبار الصحابة - رضي الله عنهم - فضلاً عن غيرهم ممن أتى بعدهم، ومع ذلك فلم يقل أحد من العلماء: إن مخالفة عالم للسنة - بسبب خفائها عليه أو لعذر غيره - إن ذلك من تبديل شرع الله تعالى.
ولهذا لم يقل أحد من الأئمة إن علياً - رضي الله عنه - قد بدل الشريعة حينما قال: إن المتوفى عنها زوجها تعتد بأطول الأجلين، لمخالفة قوله هذا للسنة الصحيحة الصريحة في حديث سبيعة الأسلمية - رضي الله عنها - والتي أفتاها النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنها انقضت عدتها بمجرد وضع حملها؟
بل أهل العلم يعتبرون هذا من جملة الاجتهادات التي يعذر فيها صاحبها، ولا يوافق على قوله، وتمثل هذه الطريقة تعامل أهل العلم المنصفين مع اجتهادات العلماء التي تبين خطؤها، سواء كان العالم من الصحابة - رضي الله عنهم - وهم أولى الناس بالتماس الأعذار - أو مع غيرهم.