وبخصوص حديث عمر هذا، فإن قول عمر – رضي الله عنه – له سبب – كما قال ابن عبد البر في "التمهيد (١٩/٢٧٣) : (وذلك أن عمر – رضي الله عنه - كان يذهب إلى أن الجنب لا يجزيه إلا الغسل بالماء، فلما أخبره عمار – رضي الله عنه - عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال بأن التيمم يكفيه، سكت عنه ولم ينهه، فلما لم ينهه علمنا أنه قد وقع بقلبه تصديق عمار – رضي الله عنه -، لأن عماراً – رضي الله عنه - قال له: إن شئت لم أذكره، ولو وقع في قلبه تكذيب عمار لنهاه، لما كان الله قد جعل في قلبه من تعظيم حرمات الله، ولا شيء أعظم من الصلاة، وغير متوهم عن عمر أن يسكت على صلاة تصلى عنده بغير طهارة، وهو الخليفة المسؤول عن العامة، وكان أتقى الناس لربه وأصلحهم لهم في دينهم في ذلك الوقت رضي الله عنه "انتهى كلام ابن عبد البر رحمه الله.
فتحصل من كلامه رضي الله عنه أمران:
الأول: أن عمر كان قد خفيت عليه السنة أو نسيها، وكان يظن أن الجنب لا يصلي حتى يغتسل بالماء، وأن التيمم لا يكفيه، حتى أخبره عمار – رضي الله عنه-.
الثاني: أن عمر – رضي الله عنه – قد رجع إلى السنة حينما أخبره عمار بها – كما وضح وجه ذلك ابن عبد البر، وهذا هو الظن بكل مسلم تتبين له السنة، فضلاً عن الصحابة – رضي الله عنهم -، فضلاً عن الخليفة الراشد الوقاف عند حدود الله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه -.