للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن من وافقهم في جزئية من الجزئيات كتأويل صفة، مثلاً، من الصفات بنحو تأويل الأشاعرة فلا يحكم عليه بأنه أشعري، ولكن يحكم عليه بأنه وافق الأشاعرة في هذه المسألة، وهذا حكم سائر كبار العلماء الذين وافقوا الأشاعرة في التأويل، ولكنهم خالفوهم في سائر أصولهم كالحافظ النووي وابن حجر ونحوهما، فهم من أهل السنة والجماعة، ولكنهم وافقوا الأشاعرة فيما خالفوا فيه أهل السنة، وعلى مثل ذلك فقِسْ، ومثال ذلك الشافعي، مثلاً، إذا وافق الأحناف في بعض الفروع هل يعد حنفيًّا، أو يعد شافعيًّا وافق الأحناف في بعض المسائل؟ لا شك أن الثاني هو الصحيح.

أما إذا كان الشخص قد قال ببدعة فلما تبين له خطؤها، وأقيمت عليه الحجة رجع عنها، فإنها لا تضره، وحكمه حكم التائب من المعصية، ولا تخرجه من عموم أهل السنة والجماعة. أما عن الفرق التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم، في حديث الافتراق فهي من فرق أهل القبلة – أهل الملة- الذين لا يخرجون من الإسلام، ولكنهم ليسوا من أهل السنة والجماعة، وهم سائر الفرق التي لم تخرجهم بدعهم من دائرة الإسلام، ولذلك لم يعد العلماء غلاة الفرق الخارجة عن الإسلام من هذه الفرق، كالباطنية وغلاة الجهمية، والدروز والنصيرية، وهكذا.

أما الوعيد المذكور في الحديث: "كُلُّها في النَّارِ إلَّا واحِدَةً". فلا يلزم منه الخلود في النار، ولكنها متوعدة بالنار كوعيد سائر مرتكبي الكبائر كالزاني والسارق، ولكنهم بإجماع أهل السنة لا يلزمهم من ذلك الخلود في النار، وما كنت تحسبه، أيها الأخ السائل، فهو الصحيح، فقد يكون الإنسان مبتدعًا ضالاًّ ولكنه مسلم حتى وإن انتصر لنفسه؛ لأن من عقيدة أهل السنة أنه قد يجتمع في الشخص كفر وإيمان، وفسق وإيمان، ونفاق وإيمان، وبدعة وإيمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>