للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما المكان فإن أريد به ما أحاط الجسم من سطوح الأجسام المحيطة به، فتكون ظرفًا له، ويكون مظروفًا فيها، فمثل هذا المعنى لا يجوز إثباته لله تعالى، سبحانه وتعالى أن يحيط به شيء، أما إن أريد به ما يشغله الجسم من الحيز الذي هو فراغ محض لا وجود له أصلًا إلا في الذهن، فهذا لا يقال إنه أعظم من المخلوق الذي شغله؛ إذ هو أمر وهمي لا وجود له في الخارج، فضلًا عن كون الجسم مفتقرًا إليه، واعتبر ذلك بالفراغ المحيط بسطح العالم الخارجي الذي هو نهاية المخلوقات، لو قيل إنه مكان للعالم، يفتقر إليه العالم، للزم من ذلك التسلسل الممتنع إلى ما لا نهاية؛ حيث كل مكان وجودي سيفتقر إلى مكان آخر من حوله، فإذا علمت امتناع ذلك في حق العالم، وأنه بشغله حيزًا وهميًّا لا يكون مفتقرًا إليه، مع كونه مخلوقًا، فالله سبحانه وتعالى، أولى وأحرى أن نثبت له وجودًا حقيقيًّا خارج الذهن يشار إليه وينظر إليه، ويخاطب، ويسمع دون أن يلزم من ذلك إثبات مكان يحيط به أو يفتقر هو إليه، فالمكان إذًا من الألفاظ المجملة التي يجب التفصيل في المراد بها عند استعمالها في حق الله تعالى، نفيًا أو إثباتًا، وبهذا يتبين القول في الحيز والجهة.

ثالثها: شغب بقوله تعالى: (وَهُوَ اللهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ) [الأنعام: ٣] . وأنه يلزم من يأخذ بالظواهر إثبات أنه في الأرض. والجواب من وجهين:

الأول: أن الجار والمجرور في قوله: (وَفِي الأَرْضِ) .متعلق بما بعده، أي: يعلم سركم وجهركم في السماوات والأرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>