الثاني: أن المعنى: وهو المعبود في السماوات وفي الأرض، ويكون ما بعده حالًا؛ إذ لفظ الجلالة (الله) معناه المعبود، فهو مأخوذ من الإله، سهلت همزته، ثم أدغمت اللام في اللام ثم فخمت، فلا يلزم مثبتي العلو للعلي القهار ما ينافي علوه من الآية، ولله الحمد، والواجب الجمع بين الأدلة لا ضرب بعضها ببعض، ثم ها هم أولاء القائلون بأن الله تعالى، في كل مكان، فأين إنكاره عليهم؟ أم اتسع صدره لهم وضاق عن قول السلف إنه في السماء؟!
رابعها: شغب بقوله تعالى: (يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ)[الفتح: ١٠] . بالإفراد، وقوله:(لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ)[ص: ٧٥] . بالتثنية، وقوله:(وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ)[الذاريات: ٤٧] . بالجمع- بأنه يلزم من يثبتون الظواهر الاضطراب بين إثبات يد واحدة، واثنتين، وأكثر!
والجواب أن هذا ليس بلازم؛ فإن الآيات التي فيها الإفراد ليس فيها أنه ليس له إلا يد واحدة، ولم يتنبه المعترض إلى أن الأسلوب العربي جرى على المناسبة بين المضاف والمضاف إليه، فيضاف الجمع إلى الجمع، نحو:(عَمِلَتْ أَيْدِينَا)[يس: ٧١] . والمفرد وما في حكمه إلى المفرد، نحو:(خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) ، (يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ) ، (يَدُ اللَّهِ) . ثم إن السنة، التي ليست مصدرًا لتلقي العقائد عن المعترض، صرحت بأن "كِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينُ". أخرجه مسلم (١٨٢٧) . أي لا يتوهم تفاضلهما كما في المخلوقين.
وبقى أن ننبه إلى أن قوله تعالى:(بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ) . ليست من آيات الصفات على الصحيح؛ إذ الأيدي فيها بمعنى القوة، ومنه:(فَأَيَّدْنَا) . و:(وَأَيَّدَهُمْ) .
خامسها: شغب حول حديث النزول- وهو متواتر: انظر صحيح البخاري (١١٤٥) ومسلم (٧٥٨) - باختلاف المشارق والمغارب، وأنه يلزم خلو العرش منه؛ لدوام ثلث الليل الآخر على أهل الأرض.