وأما ما ذكر من أمر الروح فلأهل العلم في المراد بالروح في آية الإسراء أقوال منها: أن المراد جبريل عليه السلام. ومنها: أن المراد الروح التي بها يحيا الإنسان. وعلى هذا المعنى ورد سؤال السائل. والحديث عن الروح بهذا المعنى له وجهان أحدهما محكم جلي والآخر متشابه، فمن المحكم أن الروح مخلوقة مستحدثة من العدم، وأنها جسم لطيف، تسري في الأعضاء، وأن هذا الجسم يقبض، ويمسك ويرسل، وينعم ويعذب. ومن المتشابه حقيقة الروح وكنهها وكيفية نفخها في الجسد وكيفية انبثاثها فيه، وكيفية قبضها وإرسالها، وكيفية تنعمها وعذابها، وكيفية علاقتها بالجسد في دار البرزخ، وفي الآخرة، وغير ذلك من الأمور التي قد تظهر للبعض وتخفى عن البعض، وقد تخفى عن الجميع فلا يعلمها إلا الله وحده، أما الحديث عن عالم الروح فبحسب نوع الحديث وصوابه وصحته، فقد يكون من المحكمات كما لو تحدث عن أنها مخلوقة مربوبة تقع تحت تدبير الله تعالى وإرادته. وقد يكون الكلام عن الروح من المتشابه كما لو تحدث عن كيفية قبضها حال النوم وإرسالها، وقد يكون الكلام عن الروح من الباطل والخرافة كما يحصل عند أصحاب تحضير الأرواح، وكما يحدث عند الهنادكة والقائلين بالتناسخ وأصحاب السحر والكهانة والتنجيم. والله أعلم.