(٢) بما أن العبادات توقيفية بمعنى أن كل عبادة لم ترد في كتاب الله ولا سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- فهي مردودة على صاحبها كما قال صلى الله عليه وسلم:"من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد" أخرجه البخاري (٢٦٩٧) ، ومسلم (١٧١٨) . والإحداث قد يكون في توقيت العبادة أو مكانها أو حال صاحبها أو كيفيتها، فمن أضاف قيدًا لعبادة سواءً ادعى وجوب هذا القيد أو استحبابه أو حتى إباحته فيلزمه الدليل وإلا فقيده هذا بدعة, وبما أن الذكر عبادة فيلزم فيها الاتباع لما جاء في الكتاب والسنة وعدم إحداث كيفيات معينة للذكر لم ترد في الكتاب والسنة، كالذكر بصوت واحد أو بلحن خاص للمناسبات سواء كان فردياً أو جماعياً، كما قد يفعل من قبل بعض الناس في الحج والعمرة والعيدين.
(٣) كل ما ورد من النصوص مما يدل على مشروعية الذكر الجماعي ظاهره فضيلة الاجتماع لذكر الله, وهذا يتحقق بمذاكرة العلم والاستماع للقرآن، والتحدث بما منَّ الله على عباده من النعم الكثيرة ونحو ذلك، وليس فيها دلالة على مشروعية الذكر بصوت واحد.
وأما ما ورد في بعض النصوص مما قد يفهم منه الذكر بصوت واحد خلف إمام أو نحوه، مثل ما جاء عن عمر -رضي الله عنه- من أنه كان يكبر في قبته بمنى، فيسمعه أهل المسجد، فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق، حتى ترتج منى تكبيراً"، ونحوه عن ميمونة -رضي الله عنها- فالمعنى يسمعون تكبيره فيذكرهم التكبير فيكبرون كل بمفرده، وهذا معنى محتمل من ظاهر النص فيجب حمله عليه؛ لأن المتحقق عند العلماء عدم نقل هذه الكيفية (الذكر الجماعي بصوت واحد) عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مطلقاً، فوجب علينا أن نحمل المتشابه على المحكم. بدلا من أن نبطل الشيء الثابت بشيء محتمل مظنون.
(٤) وفي الختام سؤال لنا جميعا , هل عملنا بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- الصحيحة الثابتة حتى نذهب فنتلمس الزيادة عليها؟!
والله المستعان، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.