وكلام العلماء في زيادة الإيمان ونقصه كثير جداً، والواقع يشهد بذلك، فالواحد منا يعلم زيادة إيمانه ونقصانه من وقت لآخر، فمثلاً نجد إيماننا أكثر في أوقات مخصصة كشهر رمضان وأيام الحج ونحو ذلك، أو في أماكن مخصصة كالحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة الأخرى مثل عرفات، ومزدلفة، ونحوها.
أما الخلاف مع الإمام أبي حنيفة – رحمه الله تعالى- في الإيمان فهو اختلاف لفظي لا يترتب عليه فساد في الاعتقاد، فهو متفق مع بقية أهل السنة على وجوب العمل، وأن تارك العمل معاقب مؤاخذ، ومتفق معهم أيضاً على أن مرتكب الكبيرة لا يخرج من الإيمان بل هو تحت مشيئة الله –تعالى- إن شاء عذبه، وإن شاء عفا عنه، وأما أن كلمة التوحيد لا ترتفع ولا تنخفض وأنه يصدق بها العبد أو لا يصدق فهذا حق بالنظر إلى معناه من الناحية اللغوية، فإن الإيمان من الناحية اللغوية معناه التصديق، والتصديق لا يتبعض، ومما يدل عليه قوله –تعالى- حكاية عن إخوة يوسف -عليه السلام-: "وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين"[يوسف: ١٧] ، والتصديق بالقلب هو الواجب على العبد حقاً لله تعالى.
وأما ما استدل به نفاة زيادة الإيمان ونقصانه بقوله تعالى:"إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات"[البقرة: ٢٧٧] على التفريق بين الإيمان والعمل فليس سديداً، فالعمل أفرد هنا لأهميته نحو قوله تعالى:"حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين"[البقرة: ٢٣٨] ، وقوله –تعالى-: "تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر"[القدر: ٤] ، والصلاة الوسطى هي صلاة العصر أفردت لأهميتها لا لأنها غير الصلاة، والروح هو جبريل -عليه السلام-، وهو رئيس الملائكة -عليهم السلام-، وهذا مثل قوله –تعالى-: "إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات"[البقرة: ٢٧٧] أفرد العمل لأهميته لا لمخالفته لمسمى الإيمان.