للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا حاكت ألفاظ القرآن دلالات تفوق بكثير أقصى ما يمكن أن يبلغه فرسان البلاغة وأساطين البيان, فاستولى على وجدانهم وأخذ بألبابهم منذ زمن التنزيل, وأذعن له غلاظ المكابرين وصاروا أتباعًا مناصرين قبل أن يكشف أحد أدلة ما فيه من تشريع يسمو بالإنسان إلى سواء الفطرة أو علم بالتكوين يشهد بالتنزيل؛ عن الزركشي: (قال الخطابي: وقلت في إعجاز القرآن وجهًا آخر ذهب عنه الناس فلا يكاد يعرفه إلا الشاذ في آحادهم، وهو صنيعه بالقلوب وتأثيره في النفوس, فإنك لا تسمع كلامًا غير القرآن منظومًا ولا منثورًا إذا قرع السمع خلص له إلى القلب من اللذة والحلاوة في حال, ومن الروعة والمهابة في حال أخرى.., قال الله تعالى: (لَوْ أَنزَلْنَا هََذَا الْقُرْآنَ عَلَىَ جَبَلٍ لّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مّتَصَدّعًا مّنْ خَشْيَةِ اللهِ) . وقال تعالى: (اللهُ نَزّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مّتَشَابِهًا مّثَانِيَ تَقْشَعِرّ مِنْهُ جُلُودُ الّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبّهُمْ) الآية.

قلت: ولهذا أسلم جبير بن مطعم لما سمع قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- للطور حتى انتهى إلى قوله: (إِنّ عَذَابَ رَبّكَ لَوَاقِع) . قال: "فكأنما صدع قلبي" أخرجه أحمد (١٦٧٦٢) . وفى لفظ: كاد قلبي يطير أخرجه البخاري (٤٨٥٤) ، فأسلم.

وفى أثر آخر أن عمر لما سمع سورة طه أسلم أخرجه الدارقطني ١/١٢٣، والحاكم٤/٦٥ والبيهقي ١/٨٨ وغير ذلك) (البرهان في علوم القرآن - الزركشي ج٢/ص١٠٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>