والقرآن يدعو في مواضع عديدة إلى النظر في السماوات كما النظر في الأرض ومشاهدة دلائل الوحدانية والاقتدار, وقوله تعالى:(أَوَلَمْ يَرَ الّذِينَ كَفَرُوَاْ أَنّ السّمَوَاتِ وَالأرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا..)[الأنبياء:٣٠] . فيه دلالة على وحدة الأصل في النشأة والتكوين بينة على وحدانية الله وقدرته، كما قال غير واحد من المحققين, والمعلوم اليوم أن كل الأجرام تتكون من نفس المواد، وأما وحدة النشأة فهي محصلة جهود المختصين, وفي الحقيقة يذهل اليوم كل عارف بخفايا التكوين أمام تلك الأوصاف المبهرة في القرآن والمؤيدة لرسالته.
إن الرقم "واحد" في كل اللغات يعني وحدة الكينونة كاللفظ "أحد" بلا تجزئة أو اشتراك بعكس الرقم "اثنين", وأما "الثلاثة" أو كل ما تجاوز المفرد والمثنى فهو بداهةً في قواعد لغات التخاطب "جمع", ولذا تثليث الرقم "واحد" تناقض صارخ يجعل المفرد والجمع سواء فيناطح المسلمات الراسخة كالجبال الشوامخ, وأما الرقم "سبعة" فبينة على العلم بخفايا التكوين تشهد بالوحي للقرآن الكريم, وهو بصمة في كيان كل شيء تعلن عن الوحدة والانتظام في طبيعة التكوين من أصغر لبنة لأكبر تكوين، فتشهد لكل يقظ فطين بوحدانية الله وقدرته, وهكذا تسطع حكمة بالغة في حديث القرآن كما في الكون المنظور لم تتخلف عن بيانها الأرقام مشاركةً الحشود في التسبيح, يقول العلي القدير:(أَوَلَمْ يَنْظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا خَلَقَ اللهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَىَ أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ)[الأعراف: ١٨٥] .