فهذه الآية الكريمة جاءت في سياق عدد من الآيات التي تحذر من الزنا وتنهى عنه وتسد جميع السبل المفضية إليه، كما تضمنت العلاج الناجع العاصم -بإذن الله- من هذه الفاحشة، وهو النكاح والسعي في تحصيله، ولذا قال تعالى:"وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم"[النور: ٣٢] ، وهذا خطاب للمجتمع المسلم كله باعتباره كياناً واحداً بأن يسعى في تزويج الرجال والنساء، وأن ييسر أسبابه ويذلل عقباته، ونهى تعالى عن جعل الفقر وقلة ذات اليد ذريعة تحول دون تزويج الرجل أو المرأة، بل وعد تعالى ـ ووعده الحق ـ أن يغنيهم من فضله، يقول تعالى:"إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله"[النور: ٣٢] ، وفي الحديث الذي أخرجه الترمذي (١٦٥٥) وغيره ـ بسند حسن ـ عن أبي هريرة - رضي الله عنه -; قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -; "ثلاثةٌُ حقٌُّ على الله عونهم المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف"، ومع هذا الأمر والوعد منه تعالى، فقد يوجد من الرجال والنساء من لا تتيسر له أسباب النكاح، ولهذا أرشدهم تعالى إلى الاستعفاف إلى أن يهيئ لهم تعالى من يعينهم على أمر النكاح، والاستعفاف هو بذل الوسع في تحصيل الأسباب التي تعين على تجنب الوقوع في فاحشة الزنا، والاجتهاد في البعد عن السبل المفضية إليه والوسائل الداعية إليه، يقول تعالى "وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله"[النور: ٣٢] فقوله: "لا يجدون نكاحا" المراد به على الصحيح من كلام أهل العلم كل مريد للنكاح تعذرت عليه أسبابه، قال ابن عطية رحمه الله في المحرر الوجيز:(فأمر الله تعالى في هذه الآية كل من يتعذر عليه النكاح ولا يجده بأي تعذر أن يستعف..) ، وعلى هذا فالفضل الذي وعد به تعالى في هذه الآية لفظ مطلق يشمل كل ما يعين على تيسير النكاح وتحققه، والرجل والمرأة في هذا سواء. بقي أن أوصيك أختي الكريمة بوصية الله تعالى لك