في الواقع أني لم أقف على دليل يدل على أن أجر وثواب الجمعة يفوت القادم بعد صعود الإمام، ولم أقف أيضاً على من نص بذلك من أهل العلم المعتبرين، ولعلهم فهموا من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الذي أوردناه في النصوص المرغبة لصلاة الجمعة والتبكير إليها، والذي فيه أن الملائكة يكتبون الأول فالأول، فإذا جلس الإمام طووا الصحف، ألا ثواب للداخل بعد دخول الإمام مطلقاً، وفي هذا نظر؛ لأنه لا يلزم من فوات هذا الثواب عليه فوات ثواب صلاة الجمعة والاستماع لخطبتها مطلقاً، بدليل أن من يدخل للمسجد والإمام يخطب تصح صلاته جمعة، وسقط عنه الوجوب، ولا يطالب بأن يصليها ظهراً، لما أخرجه البخاري (١١٦٦) ومسلم (٨٧٥) أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال:"إذا جاء أحدكم يوم الجمعة وقد خرج الإمام فليصل ركعتين".
ووجه الإشهاد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر فقط بأن يصلي ركعتين، ولم يقل إن صلاته باطلة، وعليه أن يصليها ظهراً، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة. بل إن صلاة الجمعة تدرك بإدراك ركعة واحدة منها، لعموم قوله عليه الصلاة والسلام:"من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام فقد أدرك الصلاة" أخرجه البخاري (٦٠٧) ومسلم (٥٨٠) .
فالخلاصة -أخي السائل- أن من دخل والإمام يخطب أو الإمام يصلي الجمعة ولو لم يدرك من الصلاة إلا ركعة أو أقل ليس كمن تخلف عن هذه الشعيرة مطلقاً، فهذا الأخير آثم، أما الأول فلا إثم عليه، وإن كان ثوابه ناقصاً. والله تعالى أعلم.