ومعنى كونها تبعية، أي: أنها ليست أصلاً بنفسها بل تابعة لأحد هذه الأصول الأربعة، ومعنى كونها مرسلة أي مطلقة خالية من الدليل الخاص على موضع النزاع أو البحث إذ لو كان عليه دليل لألحق بالكتاب إن كان الدليل آية أو بالسنة إن كان الدليل حديثاً أو أثراً، والقنوت في النازلة -محل النزاع- ورد فيه دليل خاص بعينه، كالحديثين المشار إليهما أعلاه، فلا يدخل حينئذ قنوت النازلة تحت المصلحة المرسلة بحال، ومثال المصلحة المرسلة التي يجوز للحاكم التدخل فيها بالأمر أو المنع: كصيد الطيور وبيع السلاح في زمن معين لا على الإطلاق لأن صيد الطيور وبيع السلاح هو في الأصل مباح بأدلة الإباحة الشرعية العامة وهذه الإباحة غير محددة بزمن أو حال أو هيئة فمتى رأى ولي الأمر في المنع أو الجواز مصلحة راجحة للأمة جاز له الأمر أو المنع من ذلك ووجب على الناس الالتزام والاتباع.
وتحديد النازلة ليس موكولاً لأحد بعينه ولا أعلم أحداً من العلماء خصصها بولي الأمر حيث النازلة كارثة وضرر عام يلحق بالأمة يحسه الناس كلهم ولا تختلف على وقوعه أو وصفه أنظار الناس ولو كان موكولاً لولي الأمر أو آحاد الناس لارتبط بهؤلاء تشريع الصلاة بأركانها وواجباتها وسننها وهذا معلوم بطلانه لكل ذي عينين.