للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولا: أنهم أهل اللسان الذين نزل به القرآن الكريم، فهم أهل العربية الناطقون بها، فمن المعقول أن يكونوا أولى مَنْ فهم كلام الله، وعَرَف مراده.

ثانيا: أنهم قد عايشوا التنزيل، وشهدوا مواقع نزول القرآن، وما احتف بذلك النزول من حوادث، وهذه مزية تجعلهم أعلم بمعاني الكلام، ومراد المتكلم به.

ثالثا: أنهم لصحبتهم للنبي -صلى الله عليه وسلم- وطول ملازمتهم له، كانوا أعلم الناس بهذه الشريعة، وأدرى الأمة بمراد الشارع.

لهذه الأسباب، وغيرها مما لم أشر إليه، فلا يختلف أهل الإسلام؛ أنهم المقدمون على من سواهم، وأن قولهم حجة على من بعدهم.

وأما مسألة الدقة في التدوين فلا أدري ما قصدك بها، لأنه لا توجد أمة على وجه الأرض، حفظت سنة نبيها وآثار سلفها، كما فعلت هذه الأمة، على نحو يدل أن ذلك من توفيق الله تعالى لها، وهدايته إياها، حتى سلكت هذا السبيل، وبنظرة خاطفة إلى دواوين السنة، والمؤلفات الخادمة لها، تدرك مدى الجهد العلمي الضخم، الذي بذله علماء السنة، وأساطين الدين، حتى حفظوا لنا سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بأسماء رواتها كلهم، على اختلاف بلدانهم، وتنوع أعصارهم، وتفاوت درجاتهم في العدالة والحفظ، بشكل مذهل معجب، مع العناية الفائقة بتمييز الصحيح من الضعيف، والمقبول من المردود.

ومع هذا التدوين والكتابة الدقيقة، فلم يكن الاعتماد على هذا فقط، بل هناك حفظ الصدور، حيث اشتهر في تاريخ تدوين السنة، عدد ضخم من الحفاظ المتقنين، الذين تربو محفوظاتهم من الآثار والسنن بأسانيدها، عن عشرات الألوف، بل وبعضهم مئات الألوف، ولذا فلا شك عند علماء المسلمين، أن سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد حفظت لنا، حفظا متقنا، نعلم معه ونميز به، ما قاله الرسول -صلى الله عليه وسلم- مما كُذب عليه ونسب إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>