الثالث: وهو مبني على ما سبق، أن الصيام من أفضل الأعمال الصالحة، بل هو العمل الوحيد الذي اختص الله تعالى بجزائه ـ فرضاً ونفلاً ـ وورد في فضل نوافله أحاديث كثيرة يمكن لمن أراد الوقوف على بعضها، أن يطالع رياض الصالحين للنووي، أو جامع الأصول لابن الأثير، وغيرها من الكتب. وقد راجعت كثيراً من كتب الفقهاء، وإذا هم يذكرون من جملة ما يستحب صيامه صيام أيام العشر ـ أي سوى العيد كما هو معلوم ـ ولم أر أحداً ذكر أن صيامها لا يشرع أو يكره، بل إن ابن حزم – رحمه الله – على ظاهريته قد قال باستحباب صيام أيام العشر. والذي دعاني للإطالة في هذا المقام ـ مع ظهوره ووضوحه ـ هو أنني وقفت على كلام لبعض إخواني من طلبة العلم، ذكر فيه أن من جملة أخطاء الناس في العشر صيام هذه الأيام!! حتى أحدث كلامه هذا بلبلة عند بعض العامة الذين بلغهم هذا الكلام، ولا أعلم أحداً قال بهذا من أهل العلم في القرون الغابرة ـ حسب ما وقفت عليه ـ، ولا أدري ما الذي أخرج الصيام من جملة العمل الصالح؟ .وبما تقدم تفصيله يمكن الجواب عما استشكله ذلك الأخ وغيره، والله تعالى أعلم. أما الأحاديث الخاصة، فسأذكر حالها بشيء من الإجمال ـ والتفصيل لا تحتمله هذه الفتوى ـ فللتفصيل موضع آخر، وذلك كما يلي: أولاً: قال أبو داود ٢/٨١٥ باب في صوم العشر ح (٢٤٣٧) : حدثنا مسدد، حدثنا أبو عوانة، عن الحرّ بن الصيّاح، عن هنيدة بن خالد، عن امرأته، عن بعض أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم - قالت:" كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر: أول اثنين من الشهر والخميس ".