والجواب: أنه تقدم من كلام الإمام أحمد، والبخاري - في حديث ثوبان السابق - ما يبين أن كلا الحديثين محفوظ، وقد تبعهما على هذا الجواب؛ (ابن حبان ٨/٣٠٣) ، و (الحاكم ١/٤٢٧) ،وابن حجر في (الفتح ٤/٢٠٩) ، بل يقال: إن جميع الأئمة الذين ثبت عنهم تصحيح الحديثين يقولون بذلك، إذ لو ثبت الاضطراب في الحديث عند أحدهم، لم يقل بتصحيح الحديثين.
هذا وقد صحح حديث شداد هذا جمع من الأئمة، ومنهم من تقدم ذكرهم في حديث ثوبان وهم: ابن المديني، وأحمد، وعثمان الدارمي، والبخاري، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وغيرهم، ويضاف إليهم هنا: الإمام إسحاق بن راهوية، كما نقله الحاكم (١/٤٢٨) ، حيث قال: " هذا إسناد صحيح، تقوم به الحجة، وهذا الحديث قد صح بأسانيد، وبه نقول ا. هـ، وكذا صححه أبو جعفر العقيلي في (الضعفاء ٤/٤٥٦) والله تعالى أعلم.
بقي أن يقال: إن تصحيح الحديث، لا يكفي في الحكم به وحده على مسألة الحجامة للصائم؛ لأن في المسألة أحاديث كثيرة جعلت أهل العلم يختلفون في حكم الفطر بالحجامة؟ فمنهم من يرى أن هذا الحديث منسوخ، وأن الحجامة لا تفطر كما هو مذهب جماهير أهل العلم، ومنهم من أخذ بحديث الباب فقال: إن الحجامة تفطر، وهو المشهور من مذهب الحنابلة، ونصره من فقهاء الحديث ابن خزيمة، وابن المنذر، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه - رحم الله الجميع -.
وفي المسألة تفاصيل عند بعضهم من حيث تعليق الحكم بتأثير الحجامة على إضعاف الصائم وعدمه، وبإمكان القارئ الفاضل أن يراجع مظان هذه المسألة من كتب الشروح، والفقه، ومنها:
(المغني لابن قدامه ٤/٣٥٠) ، (البحر الرائق ٢/٢٩٤) ، و (شرح الزرقاني على مختصر خليل ١/٩٢) ، و (فتح الباري ٤/٢٠٥) عند شرح الباب رقم (٣٢) من كتاب الصيام، وهو: باب الحجامة والقئ للصائم. والله أعلم.