وكلام الإمام أبي حاتم الرازي في (العلل) لابنه (١/٢٤٩) ،يدل على أن الحديث عنده غلط، حيث قال - لما سئل عن حديث رافع بن خديج " أفطر الحاجم والمحجوم " الذي روى من طريق معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ عن السائب بن يزيد عن رافع - قال رحمه الله:" إنما يروي هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء عن ثوبان، واغتر أحمد بن حنبل بأن قال: الحديثان عنده، وإنما يروى بذلك الإسناد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن كسب الحجام ومهر البغي، وهذا الحديث في يفطر الحاجم والمحجوم عندي باطل " ا. هـ.
ومراد أبي حاتم - رحمه الله - أن الراجح في حديث رافع هو قوله -صلى الله عليه وسلم - "كسب الحجام خبيث " الذي أخرجه مسلم وغيره أنه " أفطر الحاجم والمحجوم ". وأما رد أبي حاتم لهذا الحديث كله - كما يفهم من كلامه - فلعل سبب رده هو أنه يرى أن الحديث مضطرب الإسناد، إلا أن أبا حاتم خولف من بعض الأئمة الذي نصّ بعضهم على أن الحديث عن ثوبان وشداد - محفوظ لا اضطراب فيه كما تقدم آنفاً-. والله أعلم.
الحديث الثاني: حديث شداد بن أوس:
والبحث فيه كالبحث في سابقه من حيث كثرة الاختلاف فيه، وطول الكلام عليه، ولذا سأكتفي عن إيراده بحديث ثوبان - رضي الله عنه - وما حصل فيه من تفصيل، إلا أنه يحسن هنا أن أجيب على إيراد قد يورده بعض الفضلاء، ألا وهو: ألا يحتمل أن حديث ثوبان، وشداد كلاهما مضطرب؛ لأن مدار الحديثين على رجل واحد، وهو أبو قلابة؟