للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقول إذن بأن (السماء الدنيا) تعبير عن الكون كله، وأنها الوحيدة التي يمكن للإنسان أن ينظر إليها قول يعوزه الدليل, وما بني عليه من أن السماوات الست الباقية غيبية لا ترى يخالف صريح القرآن الكريم في إمكان النظر إلى كل السماوات بأدلة لا تدفع، منها قول الله جل وعلا: "قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ" [يونس ١٠١] وقوله تعالى: (أَوَلَمْ يَنْظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ) [الأعراف: ١٨٥] وقوله تعالى: "أَفَلَمْ يَنظُرُوَاْ إِلَى السّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيّنّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ" [ق: ٦] قال النحاس: "السماوات مرئية" , وقال الألوسي: "ظواهر الآيات والأخبار ناطقة بأن السماء مرئية" , وفي قوله تعالى: "أَلَمْ تَرَوْاْ كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً. وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنّ نُوراً وَجَعَلَ الشّمْسَ سِرَاجا" [نوح: ١٥-١٦] ؛ ظاهر التعبير أن أدنى سماوات الكون على حسب الترتيب في النظم هي التي تقع فيها الشمس ويقع القمر, وهو ما يتفق فلكياً مع تسمية أفق الكواكب الأدنى في آفاق الأجرام المرئية بالنظام الشمسي، حيث يتبع القمر الأرض ويتبع الكل الشمس, قال ابن جزي: "القمر.. في السماء الدنيا، وساغ أن يقول فيهن لما كان في إحداهن فهو في الجميع، كقولك: فلان في الأندلس إذا كان في بعضها" , وقال أبو حيان: "الضمير في فيهن عائد على السماوات والقمر في السماء الدنيا (منها) ، وصح كون السموات ظرفاً للقمر لأنه لا يلزم من الظرف أن يملأه المظروف؛ تقول زيد في المدينة وهو في جزء منها".

<<  <  ج: ص:  >  >>