للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومرد الإشكال إلى الفهم بأن الشهب المعبر عنها في الآيتين الكريمتين تشبيها بالمصابيح لتوهجها هي النجوم الثوابت، ولكن المحققون قد دفعوا هذا الوهم، وقالوا بأن النجوم ثوابت في مواقعها لا ينقص عددها، وإنما المراد هو الشهب دونها كما هو ظاهر القرآن, وبذلك يسقط الاستدلال على أن سماوات الكون التي تميزها بروج الأجرام هي جميعا السماء الدنيا, قال الألوسي: "وإطلاق الرجوم على النجوم وقولهم رمى بالنجم يحتمل أن يكون مبنياً على الظاهر للرائي، كما في قوله تعالى في الشمس: "تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ", وهذه الشهب ليست هي الثوابت، وإلا لظهر نقصان كثير في أعدادها، بل هي جنس آخر غيرها يحدثها الله تعالى ويجعلها رجوما للشياطين, ولا يأباه قوله تعالى: "وَلَقَدْ زَيّنّا السّمَاءَ الدّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لّلشّيَاطِينِ"؛ حيث أفاد أن تلك (المصابيح) هي (الرجوم) بأعيانها؛ لأنا نقول كل نير يحصل في الجو العالي فهو مصباح لأهل الأرض.. والشهب من هذا القسم، وحينئذ يزول الإشكال" , وبمثله قال كثيرون, فتأمل الدقة المذهلة في تعبير القرآن الكريم، بينما في العرف تُسمي الشهب نجوماً، ولا تميز لغة التخاطب بين النجوم والكواكب, والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>