للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما في قوله تعالى: (وَأَنزْلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنّاسِ) [الحديد: ٢٥] ؛ فيستقيم حمل لفظ (الإنزال) على الأصل وهو الدلالة الحسية باعتبار تعلق المقام هنا بخلق الأرض لمجيء بيان إنزال الحديد وهو من أثقل مكونات الأرض في مقابل بيان إخراج المواد الأخف من الأرض نحو السطح في قوله تعالى: (وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا. أَخْرَجَ مِنْهَا مَآءَهَا وَمَرْعَاهَا. وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا) [النازعات:٣٠-٣٢] , وهذا ما يتفق تماما مع المعرفة الحديثة بخروج كل ما أدى في النهاية إلى وجود مظاهر الحياة من نبات وحيوان المعبر عنها باللفظ الجامع (مَرْعَاهَا) بعد التهيئة بتكثف أبخرة الماء وانقشاع دخان البراكين في مقابل هبوط أثقل المواد ممثلة بالحديد نحو لب الأرض الذي يتكون معظمه بالفعل من الحديد, وناسب اقتصار نزول الحديد على ما دون الجو الخلو من الإضافة (من السماء) التي لازمت في مواضع عديدة بيان نزول الماء من السحب في الجو نحو قوله تعالى: (وَأَنزَلَ لَكُمْ مّنَ السّمَآءِ مَآءً) [النمل: ٦٠] , ويتفق هذا مع تكون الأرض من طبقات يعلو بعضها بعضا أخفها الأعلى وأثقلها هو ما فيها في الباطن, وتلك الحقيقة العلمية يتضمنها بيان أحداث نهاية الأرض المعلومة لدينا اليوم في قوله تعالى: (وَأَخْرَجَتِ الأرْضُ أَثْقَالَهَا) [الزلزلة:٢] ، وفي قوله تعالى: (وَإِذَا الأرْضُ مُدّتْ. وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلّتْ) [الإنشقاق:٣و٤] ؛ فالوصف متعلق بالأرض المعهودة حاليا لأن ضمير (أثقالها) وضمير (ما فيها) عائد قطعا عليها نفسها.

نزول الحديد نحو الباطن عند تكون الأرض

مع خروج المواد الأخف في اتجاه السطح

(المصدر كتاب فرانك برس: علوم الأرض)

تتكون الأرض من طبقات بعضها فوق بعض

وتتزايد الكثافة مع العمق ومعظم اللب حديد.

<<  <  ج: ص:  >  >>