وكلما انكمش الكون تزايدت كثافته، ومع تلاشي المسافات تصبح لا نهائية, ولكن تلاشي المسافة يعني انعدام المادة بحيث تتلاشي الكثافة, وهذا يعني توقف القوانين وبلوغ حالة يستوي فيها العدم والوجود في لحظة الفناء العظيم، وهي تماثل تماما لحظة الخلق العظيم حيث وجدت مادة الكون فجأة من عدم, تلك اللحظة المبهرة تسمى -فيزيائياً- لحظة التفرد Singularity لتوحد كافة تنوعات المادة في بنية أساسية واحدة, واللحظة التي يحتمل إعمال قوانين الفيزياء عندها أو قبلها تسمى الكثافة عندها كثافة بلانك Planck density وتبلغ ١٠ ٩٣ جم\سم٣ أو ما يماثل ١٠٠ بليون مجرة مكدسة في حيز ضئيل لا يتجاوز مداه ١٠-٣٥ متر (مسافة بلانك) عندما كان عمر الكون ١٠-٤٣ ثانية (زمن بلانك) , ولك أن تقول إنه كان عدما عند اللحظة صفر فلا تعمل قوانين الفيزياء إلا مع توفر المادة بعد أجزاء ضئيلة للغاية من أول ثانية, فصفحة الكون ليست أبدية، وإنما ضمن منظومة طوي بعضها الزمن والبعض لم يظهر بعد للوجود، وإنما الكون ينحني على نفسه وينطوي في امتداد مستمر نحو نهايته إن شئت التعبير بالاستمرار, والتعبير الأدق أن يقال: إنه كان حين البناء في اتساع كما ترتفع طوابق البيت حين البناء، وعندما تحين ساعته يُعكس الاتجاه ليعود لأصل حالته, والقول إذن بأن الكون في اتساع مستمر يغفل عن قوانين تطوره، ويماثل القول بالخلق الفجائي للكائنات بلا أطوار.