للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الشباب غير العراقيين فلا أنصح بذهابهم للقتال هناك، وإنما عليهم العمل بنصرة إخوانهم، وهم مقيمون في أوطانهم بما يستطيعونه من مال أو رأي ومشورة، أو دعاء، أو طعام ودواء، فنصرتهم بهذه الأمور أهم وأولى من الذهاب للقتال معهم، فهم إلى الدعم بهذه الأمور أحوج من غيرها، ويجب أن نستفيد- معشر المسلمين- من واقع الجهاد في أفغانستان مع الاتحاد السوفيتي، ولقد كان قادة المجاهدين آنذاك (رباني وسيَّاف وحكمت يار) يقولون: لسنا بحاجة للرجال غير الأفغان، وإنما نحن بحاجة ماسة إلى الدعم بالمال والدعاء. فكان هذا عين الصواب والحكمة، وليته تم- غير أن حماس شباب العرب وعاطفتهم طغت على حكمة وشجاعة العجم، فكان ما كان مما أصاب العالم كله والمسلمين خاصة حكومات وشعوبًا مما لا يجهله اليوم إنسان، لقد اجتيح بسبب هذا في مدة وجيزة دولتان (أفغانستان والعراق) ، قتل وجرح، وشرد فيها مئات الألوف من الأنفس البريئة، علاوة على انتهاك الأعراض وإفساد الأموال والممتلكات ما الله به عليم، ولا يزال الحبل على الجرار، فالدور قادم- إلا أن يشاء الله- على دول الجوار، وكل ما حصل ويحصل للمسلمين من كل مكان من الذل والهوان والتخلف إنما هو بسبب المعاصي والذنوب من عامة الحكومات والشعوب، وصدق الله العظيم: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ) [الرعد: من الآية١١] . ومن أعظم هذه المعاصي الجهل بالدين والدنيا معًا، وأعظم الجهل بالدين الجهل بتوحيد الله من بناء الأضرحة على القبور والدعاء عندها، والطواف عليها، وتشريع القوانين والأنظمة بتحريم ما أحل الله، وإباحة ما حرم الله، والحكم بها والتحاكم إليها، وهذا الجهل له مظهران:

(١) مظهر روحي شخصي- بفضل الله أمسكناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>