٢- قوله تعالى:"وقد فَصَّلَ لكم ما حَرَّمَ عليكم إلا ما اضطررتم إليه"[الأنعام:١١٩] ووجه الاستدلال أن الله ذَكرَ أنه فَصَّلَ كُلَّ مُحرَّمٍ ولم يذكر تَحريم بيع المصحف، فيكون بيع المصحف حلالاً، لأَنَّه لم يُفَصِّلْ لنا تَحريمَه (وما كان ربك نسياً) ، ولو فَصَّلَ تحريمه لَحفظه اللهُ حتى تقومَ به الحُجةُ على العبادِ.
ثانياً: من الآثار:
١-ما رُوي أَن ابن مصبح كان يكتب المصاحف في زمن عثمان -رضي الله عنه- ويبيعها ولا ينكر عليه ذلك. المدونة ١١/٤١٨.
وقد رده ابن حزم بأن في سنده عبد الملك بن حبيب وابن مصبح وطلق بن السمح ولا يدري من هم من خلق الله، وعبد الجبار بن عمر الأبلي وهو ساقط لم يدرك عثمان، وأنه ليس في الأثر أن عثمان -رضي الله عنه- عرف بذلك، ولا أحد من الصحابة.
٢- ما رُوي أَنَّ عبد الله بن عباس ومروان بن الحكم سُئِلا عن بيع المصاحف للتجارة فيها فقالا: لا نرى أنْ نَجعلَه مَتْجَراً، ولكن ما عملتَ بيديكَ فلا بأس به. أخرجه البيهقي ٦/١٦.
وهذا الأثر واضح الدلالة. وقد ناقشه ابن حزم بأن في سنده بكير بن مسمار وهو ضعيف، والحارث بن أبي الزبير وهو مجهول.
ثالثاً: من المعقول:
١- أن الذي يباع هو القرطاس والمداد والأديم إن كانت المصاحف مجلدة، وما عليها من حلية إن كانت محلاة، وهذا جائز، وأما ما فيها من العلم فإنه لا يباع.
هذه هي الأدلة التي استدل بها من أجاز بيع المصحف للمسلم دون بيعه لغير المسلم.
القول الثاني: أنه يكره بيع المصحف للمسلم.
وبهذا قال الإمام الشافعي، وهو الوجه الصحيح عند أصحابه، والإمام أحمد في رواية عنه، وبها أخذ بعض أصحابه.
واستدلوا على ذلك بما يلي:
١- ما رواه سالم بن عبد الله بن عمر قال: كان ابن عمر يمر بأصحاب المصاحف، فيقول: بئس التجارة أخرجه عبد الرزاق (١٤٥٢٩) والبغوي في الجعديات (٢٢٤٥) وابن حزم ٩/٤٦ والبيهقي ٦/١٦.