٢- ما رواه عبد الله بن شقيق، قال: كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكرهون بيع المصحف أخرجه سعيد بن منصور في سننه (١٠٤- تفسيره) وابن حزم ٩/٤٥ والبيهقي ٦/١٦.
٣- ما روي عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنه كره شراء المصاحف وبيعها. انظر مصنف ابن أبي شيبة ٤/٢٨٧، وسنن البيهقي ٦/١٦.
وهذه الآثار واضحة الدلالة.
والكراهة في هذه الآثار كراهة تنزيه كما ذكر البيهقي، حيث قال بعد روايته لها: وهذه الكراهة على وجه التنزيه تعظيماً للمصحف عن أن يبتذل بالبيع أو يتخذ متجراً.
مناقشة هذه الدلالة:
الوجه الأول: أنها أقوال وأفعال صحابة، وهو مختلف في الاحتجاج بها. كيف وقد عارضت عموم الدلالة على إباحة البيع كما سبق في أدلة أصحاب القول الاول.
الوجه الثاني: يمكن حملها على ما إذا اتخذت للتجارة، أو بطريقة تؤدي إلى إهانته وامتهانه.
القول الثالث: أنه يحرم بيع المصحف للمسلم.
وبهذا قال الإمام أحمد في الرواية المشهورة عنه، وبها أخذ بعض أصحابة.
واستدلوا على ذلك بآثار الصحابة والمعقول:
أولاً: من آثار الصحابة:
ما رواه سالم بن عبد الله، قال: قال ابن عمر: لوددتُ أن الأيدي قطعت في بيع المصاحف أخرجه سعيد بن منصور في سننه (١٢٤- تفسيره) وابن أبي شيبة ٤/٢٨٧ والبيهقي ٦/١٦.
وجه الاستدلال: يمكن توجيه الاستدلال به بأن ابن عمر ذكر أنه يود قطع اليد في بيع المصاحف. والقطع عقوبة كبيرة لا تكون إلا على فعل محرم، فدل ذلك على حرمة بيع المصاحف.
مناقشة هذا الدليل: يمكن مناقشته بما سبق من مناقشة أدلة أصحاب القول الثاني.
ثانياً: من المعقول:
أن تعظيم المصاحف واجب؛ لأنه كلام الله، وفي بيعه إهانة وابتذال له فيحرم.
مناقشة هذا الدليل: يمكن مناقشته بعدم التسليم بأن في بيع المصحف إهانة له مطلقاً، بل إنما يكون ذلك إذا قُصِدَ به التجارة أو بطريقة تقتضي ذلك.