فإن "الكفؤ" هو الندّ والمثيل والنظير، والله –تعالى- منزه ومقدس أن يكون له مثيل أو نظير في ذاته، أو أسمائه، أو صفاته، أو أفعاله، ومن العقائد المقررة عند أهل الإسلام أن الله –تعالى- غني بذاته، بائن عن مخلوقاته، ليس في ذاته شيء من مخلوقاته، وليس في مخلوقاته شيء من ذاته، وقد دل على ذلك أدلة كثيرة من القرآن منها قوله تعالى:"ليس كمثله شيء وهو السميع البصير"[الشورى: ١١] ، وقوله:"هل تعلم له سميا"[مريم: ٦٥] ، وقوله تعالى:"قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد"[الإخلاص: ١-٤] ، وقوله تعالى:"وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيراً"[الإسراء: ١١١] ، وإذا انتفت المماثلة بين الخالق والمخلوق من أي وجه فانتفاء التساوي المطلق أو من وجوه متعددة من باب أولى، ولم يثبت عن أحد من الفرق أو من أهل الديانات المحرمة، بل وحتى ملل الكفر كلها أن أحداً زعم وجود تشريك مطلق بين الله –تعالى- وبين شيء من الآلهة أو الأنداد، أو إمكانية ذلك، فلا يوجد ذلك أصلاً عندهم حتى نحتاج أن ننفيه لأنه متقرر في الفطر، وثابت في العقول، وهنا يتبين خطأ من يحصر الشرك بالله –تعالى- بأنه اعتقاد المساواة بين الله –تعالى- وبين غيره، فلا يكون شركاً، ولا يسمى العمل شركاً إلا إذا كان كذلك، وهذا المعنى الخاطئ فضلاً عن مخالفته للمدلول اللغوي للفظة (الشريك) ، فلم يقل به أحد من الخلق حتى يحتاج إلى نفي، هذا أولاً.
وثانياً: أن هذا التعريف يخرج جميع الصورة المعتبرة في الشرك في الربوبية والألوهية عن كونها شركاً، وهذا خروج عن المدلول الشرعي واللغوي لهذه الكلمة، وتصحيح للأعمال والأقوال الشركية التي لا يكون فيها اعتقاد المساواة المطلقة، وأولية الله –تعالى- وأزليته ثابتة لله –تعالى-، وكذا اتصافه بصفات الكمال ثابتة له أزلاً وأبداً.