الحال الرابع: أن لا يكون عمله من قبيل المعاملات المالية المصرفية المذكورة في الأحوال الثلاثة السابقة، وذلك له أحوال مختلفة، ومن أظهرها موضوع السؤال، وهو العمل في الحاسب الآلي كأن يكون مبرمجاً، ومهندساً لنظم البنك التي تقوم عليها معاملاته، وتنضبط بها شؤونه، فهذه معونة على الربا أظهر من مجرد كتابة عقده المتوعد عليها.
وبكل حال: فإن القيام بعمل الربا، أو المعونة عليه ممنوع شرعاً لما يلي:
٠١ لتحريم الربا: فإن المحرم لا يجوز للإنسان أن يفعله لنفسه أو لغيره، وإن كان يحرم عليهما معاً، والربا من ذلك.
٠٢ لنهي الله - تعالى - عن التعاون على الإثم والعدوان كما في قوله - تعالى -: ".. ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.."
٠٣ للعن آكل الربا، والمعين عليه، كما في الحديث الذي رواه مسلم (١٥٩٧)" لعن الله آكل الربا، وَمُؤْكِلِهُ، وكاتبه، وشاهديه ... ". والملعون - عياذاً بالله - في هذا الحديث أربعة أطراف إثنان ركنان في ماهية الربا، لا يتصور وجود الربا دونهما، وهما: الآكل (المقرض) والموكل (المقترض) . واثنان خارجان عن ماهية العقد بمعنى: أن الربا يمكن أن يوجد دون توقف عليهما، وهما: الكاتب، والشهود، ومع ذلك طالهم اللعن لإسهامهما فيه وإعانتهما عليه، والذي يعمل في الحاسب الآلي ليس أقل شأناً من هذا، فإن في الحاسب الآلي ضبط أعمال البنك وتيسير شؤونه.
والمقام يا أخي الكريم مقام فتيا لا يتسع لكثير بسط - ربما - ولمزيد من التفصيل يمكنك الرجوع إلى كتاب:(الربا في المعاملات المصرفية المعاصرة) فثم بغيتك في الجزء الثاني ص ٨٧٥. لكن:" عليّ لربع العامرية وقفة ". عليّ وقفة لمناقشة احتجاج من يفتون بجواز العمل في البنوك الربوية - كما ذكرت - بقولهم:" حتى لا يسيطر عليها غير المسلمين داخل البلد الإسلامي " أقول: هذا يناقش من وجوه:
الأول: هل نحن نقر هذه الأعمال - أعني المسلمين - حتى ننافس فيها، فإن المنافسة لا تكون إلا في المشروع، أما الممنوع فلا.
الثاني: إن هذا القول أشبه بقول القائل:" بجواز البغاء للمسلمات " كيلا يسيطر غيرهن على هذا العمل في البلد الإسلامي، وهو ظاهر السقوط.