الذي أراه في الحال التي وصفت أن تصبر على ما تراه من أخطاء ولا تهجر هذا المسجد، بل تجتهد في معالجة هذه الأخطاء وتعمل على تصحيحها بقدر الاستطاعة؛ لأنك بذلك تكون قد أمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر، ولعلك بذلك تكون من المصلحين الذين أثنى الله - تعالى - عليهم، وتتشبه بالرسل والصالحين الذين يقومون بالإصلاح ودفع الفساد، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:" المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجراً من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم" رواه أحمد (٥٠٠٢) ، والترمذي (٢٥٠٧) ، وابن ماجة (٤٠٣٢) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- ولا سيما أن جماعة المسجد الذي تذكره ليسوا مُطْبقين على هذه الأخطاء، بل منهم - وعلى رأسهم إمام المسجد - من ينكرها ولا يقرها، وهذا يجعل سعيكم في إصلاح هذه الأخطاء ميسراً إذا سلكتم الطريقة المثلى التي ذكرها الله - تعالى - في كتابه بقوله:" ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن"[النحل: ١٢٥] ، ويكون ذلك باستخدام أسلوب الوعظ والتأدب في الخطاب، والبعد عن التشنج والتعصب للرأي، والحرص على أن يكون ذلك في وقت مناسب يرجى فيه أن تلقى قبولاً من الطرف المقابل، ولا تنتظر أن يتم التغيير والإصلاح في يوم وليلة، بل عليك أن تجتهد وتبذل ما تستطيع أنت ومن معك من الأشخاص في محاولة علاج هذه الأمور ولو على سبيل التدرج، ولا تستعجل النتائج، وعليك بالثناء على ما يطاوعونك فيه من تصحيح لبعض الأخطاء؛ حتى تكسب قلوبهم وتقوي المحبة بينكم، وتتوصل بذلك إلى مطاوعتهم لك في إزالة باقي هذه الأخطاء.
وبخصوص ما ذكرته من بقية الأسئلة فالجواب كما يلي:
(٢) وضع الحاجز في المسجد بين النساء والرجال هو وسيلة إلى بُعد النساء عن الرجال ويحقق مصلحة في خلوة النساء بأنفسهن وأمنهن من نظر الرجال إليهن، وبخاصة فيما لو احتاجت المرأة إلى نزع غطاء الوجه مثلاً، وهو كذلك يحقق مصلحة في أمن الرجال من أن تقع أبصارهم على النساء، وبخاصة مع انتشار التبرج وتساهل كثير من النساء في الحجاب وهو ليس بواجب إذا التزمت النساء بالحجاب وكنّ في آخر المسجد، وفي الحال التي ذكرها السائل فإنه إذا كان قد أعد للنساء موضع في أسفل المسجد وهو مهيأ لهذا فإن الأوْلى أن يصلين في هذا المكان، فإذا لم يتيسر هذا فإنه يوضع حاجز بين الرجال والنساء، ويصلي النساء في آخر المسجد من وراء الحاجز، وإذا لم يتيسر هذا فيمكن للنساء أن يصلين خلف الرجال في آخر المسجد بعيداً عنهم، مع التأكيد عليهن بالتزام الحجاب الشرعي الكامل وعدم التساهل في ذلك، ولا بأس من وضع امرأة تشرف على تطبيق هذا بين النساء، وعليكم أن تذكّروا النساء أنهن إنما أتين للصلاة في المسجد طاعة لله، فعليهن أن يطعن الله أيضاً في الالتزام بالحجاب، وإذا كانت صلاة المرأة في بيتها خيراً لها من المسجد وهي ملتزمة بالحجاب، فكيف الشأن إذا كانت تتساهل فيه؟ لا ريب أن مكثها في منزلها وصلاتها فيه خير لها وأحفظ لها من الإثم.