(٣) فيما يتعلق بمخاطبة النساء في هذا الأمر فإنه يوكل إلى القائمين على المسجد من الإمام أو مجلس الأمناء، فهؤلاء كلامهم يكون أبلغ وأوقع في النفس؛ لأنه ينطلق ممن له صلاحية التنظيم في المسجد، ويمكن على سبيل المثال أن يتم ذلك بإلقاء كلمة على النساء في وقت اجتماعهن، أو توضع تعليمات يقرؤها النساء، ومن لا يلتزم منهن بهذه التعليمات فإنها تناصح بالحكمة من قبل النساء المشرفات أو من قبل المسؤولين عن المسجد، ويمكن مخاطبة ولي أمرها إذا اقتضى الأمر ذلك.
(٤) لا يجوز الوصول في سبيل سعيكم إلى إصلاح أوضاع المسجد إلى مرحلة الصراع والتعدي بالأيدي، وبخاصة في المسجد الذي بني للذكر والصلاة وتلاوة القرآن، والتعدي على هذا النحو ليس من هدي المصلحين، وهو تصرف صبياني يدل على الحمق والعجلة ولا يأتي بخير، بل هو يقطع صلة المودة وهو مذموم في كل حال، فكيف إذا كان في المسجد؟! والله - تعالى - أرشد إلى أن تكون الدعوة باللين والحكمة فقال - تعالى-: " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن"[النحل: ١٢٥] ، وبخاصة أنكم مغتربون، وأنتم بأمس الحاجة إلى الوحدة والتكاتف بدلاً عن الخصومة والتنافر، ولو فرض أن أحد السفهاء تعدى على أحدكم بشيء من ذلك فعليكم ألا تجاروه في سلوكه، بل تنصرفوا عنه التزاماً بقول الله - تعالى - " وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً"[الفرقان: ٦٣] ، ولعل هذا التصرف منكم يخفف من غلواء الشحناء في قلوبهم، فيحمدوا لكم هذا الموقف فيما بعد، مما يزيد في ميلهم إلى دعوتكم، مع التأكيد على أنه لا ينبغي الاستمرار في النزاع والجدال إلى الحد الذي يوصل إلى هذه الحال حرصاً على تقليل الشحناء في النفوس إلى أقل حد ممكن.