للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي حديث آخر في صحيح البخاري، عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُونَ: لَوْ اسْتَشْفَعْنَا عَلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا، فَيَأْتُونَ آدَمَ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ فَاشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّنَا. فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ. وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ. وَيَقُولُ ائْتُوا نُوحًا أَوَّلَ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ. فَيَأْتُونَهُ، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ. وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ، ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ الَّذِي اتَّخَذَهُ اللَّهُ خَلِيلًا. فَيَأْتُونَهُ، فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ. وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ، ائْتُوا مُوسَى الَّذِي كَلَّمَهُ اللَّهُ. فَيَأْتُونَهُ، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ. فَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ. ائْتُوا عِيسَى. فَيَأْتُونَهُ، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ ائْتُوا مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، فَيَأْتُونِي، فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي، فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُقَالُ لِي: ارْفَعْ رَأْسَكَ سَلْ تُعْطَهْ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَحْمَدُ رَبِّي بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِي، ثُمَّ أَشْفَعُ، فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، ثُمَّ أُخْرِجُهُمْ مِنْ النَّارِ وَأُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ فَأَقَعُ سَاجِدًا مِثْلَهُ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ، حَتَّى مَا بَقِيَ فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ". وَكَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ عِنْدَ هَذَا: أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُود. ُ ويحتج المبشرون النصارى بهذا الحديث ذاكرين بأن عيسى -عليه السلام- هو الوحيد الذي لم يكن له أي ذنب، ويقولون: إنه حتى محمد -صلى الله عليه وسلم- كان عنده ذنوب. وبناء عليه يقولون: إنه إذا كان لنبي الحق في الشفاعة فلن يكون محمداً -صلى الله عليه وسلم- بل المخّلص الذي ليس له ذنوب: المنجّي عيسى -عليه السلام-.

أرجو الرد على هذه الادعاءات.

الجواب

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد ولد آدم محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فالجواب عن هذه الشبهات من وجهين:

الوجه الأول:

نقول للنصارى: إذا كنتم تؤمنون بما جاء في شرعنا أنه حجة صحيحة، فإنه يجب عليكم الإيمان بشرعنا والدخول في الإسلام؛ لأن هذا مقتضى الإيمان بحجية شرعنا وما ورد فيه.

وإذا كنتم لا تؤمنون بأنه حجة صحيحة فكيف تحتجون به؟

وأما إذا قلتم: إنه حجة علينا فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>