وكذلك الحالة لكافة صفاته - سبحانه- فنعلم أن له -سبحانه- وجهاً ويدين يليقان به -سبحانه وتعالى - ولا نعلم كيفيتها. أما عند النصارى من نسبة الولد إلى الله -سبحانه وتعالى- فنحن لا نجادل في حقيقة ذلك وكيفيته، وإنما في معناه المعقول لدينا، فهذه العقيدة تنافي توحيد الله -سبحانه- واستغناءه عن غيره حيث إن النصارى القائلين بألوهية المسيح - عليه السلام - أو جاعلوه ثالث ثلاثة، وجعلوا فيه من اللاهوت زعموا، لم يجعلوا الرب مستغنياً عن خلقه، بل هو بحاجة إلى ذلك الجسد المخلوق المولود من مريم -عليها السلام- والمعلق على خشبة صلباً، كما أنه بحاجة إلى الطعام والشراب، وهذا أمر معلوم معقول ليس كأمر حقيقة صفاته -سبحانه-، إذ أن الولد ليس صفة له -سبحانه- بل هو منفصل عنه -سبحانه وتعالى -، وما ينسب إلى الله -سبحانه- من الصفات ليس شيئاً غيره، إذ لا تقوم هذه الصفات بنفسها، وليست هناك صفة بدون موصوف، وأما ما ينسب إليه -سبحانه- من الأعيان كما نسب النصارى الولد فهي ليست صفات له -سبحانه-، إذ أنها تقوم بنفسها، وهي غير الله، فلا قياس، وقد قال -سبحانه وتعالى- رداً على النصارى:"ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون"[المائدة: ٧٥] ، فبدعة الولد ابتدعها النصارى غلواً في المسيح -عليه السلام- لم يأت بها أحد من الأنبياء، وهي معارضة للتوحيد الذي جاء به كل الرسل، والنصارى أنفسهم لديهم إشكال في الجمع بين التوحيد وبين عقيدة التثليث التي هم مضطربون فيها، وأنى لهم الجمع وهم يجعلون في المسيح صفات إلهية، تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا. هذا والله أعلى وأعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.