والظلم وضع الشيء في غير موضعه فإذا جعل النور كالظلمة والمحسن كالمسيء والمسلم كالمجرم كان هذا ظلماً وحكماً سيئاً يقدس وينزه عنه -سبحانه وتعالى-، وقال –تعالى-: "أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون"[المائدة: ٥٠] ، وعند هؤلاء لو حكم بحكم الجاهلية لكان حسناً وليس في نفس الأمر حكم حسن وحكم غير حسن بل الجميع سواء، فكيف يقال مع هذا:"ومن أحسن من الله حكماً"؟ فدل هذا النص على أن حكمه حسن لا أحسن منه والحكم الذي يخالفه، وأيضاً فقوله –تعالى-: "أفنجعل المسلمين كالمجرمين"[القلم: ٣٥] ، وقال تعالى:"أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار"[ص: ٢٨] ، وقال –تعالى-: "أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواءً محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون"[الجاثية: ٢١] ، إلى غير ذلك.
فدل على أن التسوية بين هذين المختلفين من الحكم السيئ الذي ينزه عنه وأن ذلك منكر لا يجوز نسبته إلى الله –تعالى- وأن من جوز ذلك فقد جوز منكراً لا يصلح أن يضاف إلى الله –تعالى- فإن قوله:"أفنجعل المسلمين كالمجرمين"[القلم: ٣٥] ، استفهام إنكار فعلم أن جعل هؤلاء مثل هؤلاء منكراً لا يجوز أن يظن بالله أنه يفعله فلو كان هذا وضده بالنسبة إليه سواء جاز أن يفعل هذا وهذا.
وأما الأم المسيحية تقديساً لنصرانية من النصارى وهم يقدسونها وأمثالها لجهودها في التنصير وتوددها للناس حتى يتعلقوا بها فيضل بها أقوام بسبب هذا:"يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض"[المائدة من الآية: ٥١] .