وروى ابن مردويه بسنده إِلَى ابْنِ عُمَرَ قَالَ:"وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ"[القيامة:٢٢] قَالَ: من البهاء والحُسن "إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ" قال: في وجه الله عَزَّ وَجَلَّ. عن الحسن قَالَ: نظرت إِلَى ربها فنُضِّرت بنوره.
وقال أبو صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما "إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ" قَالَ: تنظر إِلَى وجه ربها عَزَّ وَجَلّ.
وقال عكرمة:"وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ" قَالَ: من النعيم. "إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ"، قَالَ: تنظر إِلَى ربها نظراً َ.
ثُمَّ حكى عن ابن عباس -رضي الله عنهما- مثله.
وهذا قول كل مفسر من أهل السنة والحديث] اهـ.
ويثبت الإمام أبو جعفر الطّّحاويّ -رَحِمَهُ اللهُ- أن من اعتقاد أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ: أن الرؤية حق لله تَبَارَكَ وَتَعَالَى في الجنة، فأهل الجنة المؤمنون -جعلنا الله وإياكم منهم- يرون ربهم جل وعلا عياناً بالأبصار، كما جَاءَ في الحديث الصحيح انظر صحيح مسلم (١٨١) ، وسنن ابن ماجه (١٨٧) ، وهذا هو النعيم الأعلى والأعظم في الجنة، وهو أعظم نعيم يتنعم فيه أهل الجنة بل هو ألذ من جميع أنواع النعيم التي لم ترها عين، ولم تسمع بها أذن، ولم تخطر عَلَى قلب بشر، ثُمَّ يقول:(بغير إحاطة ولا كيفية) ، أي: أنه لا يستلزم من هذا النظر الإحاطة.
والذين نفوا الرؤية كالمعتزلة وغيرهم قالوا: إن مما يدل عَلَى نفي الرؤية قول الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: "لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ"[الأنعام: ١٠٣] فما دام أن الأبصار لا تدركه؛ فهو لا يُرى وما علموا أن هناك فرقاً بين الرؤية والإدراك، فإن الإِنسَان قد يرى الشيء لكن لا يحيط به ولا يدرك حقيقته، والذي نفى الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- وقوعه هو الإحاطة به وإدراكه وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً" [طه: ١١٠] فإذا كَانَ العلم لا يحيط به سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -ومجاله أرحب وأوسع من الرؤية- فكيف تحيط به الرؤية؟!