قوله:(ولا كيفية) أي: لا نعلم الكيفية التي يرى بها المؤمنون ربهم جل وعلا، وكما قَالَ:(وتفسيره عَلَى ما أراد الله تَعَالَى وعلمه) يعني: تفسير الكيفية لا يعلمها إلا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فنحن نؤمن بالرؤية وأما كيفية وقوع هذه الرؤية فإن الذي يعلمها هو الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ونحن لا نعلمها، وعماد استدلاله كَانَ بهذه الآية وبالأحاديث الصحيحة الدالة عَلَى الرؤية فقَالَ: (كما نطق به كتاب ربنا: "وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ"[القيامة:٢٢، ٢٣] .
وهي من أوضح وأبين وأجلى الأدلة عَلَى رؤية الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، ولهذا فإن الإمام البُخَارِيّ -رَحِمَهُ اللهُ- في صحيحه جعل هذه الآية هي عنوان الباب، ثُمَّ أورد بعد ذلك أحاديث كثيرة في إثبات رؤية الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عن عدد من الصحابة الكرام- رضي الله عنهم-: عن جرير بن عبد الله البجلي (٧٤٣٦) ، وأَبِي هُرَيْرَةَ (٧٤٣٨) ، وأبي سعيد الخدري (٧٤٤٠) - رضي الله عنهم-، وأورد أحاديث كثيرة في الحشر ويَوْمَ القِيَامَةِ، تثبت رؤية الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وأما رؤية المنافقين والكفار ربهم يوم القيامة فقد اختلف فيها الناس على ثلاثة أقوال: أحدها: أن الكفار لا يرون ربهم بحال لا المظهر للكفر ولا المسر له وهو قول أكثر العلماء المتأخرين، وعليه يدل عموم كلام المتقدمين هكذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، واستدلوا بأدلة منها قوله تعالى:"كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُون"َ [المطففين:١٥] ، وقوله تعالى:"وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً"[الإسراء:٧٢] ، وقوله تعالى:"وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى"[طه:١٢٤] ، وأن الرؤية من أعظم كرامات أهل الجنة وبشارة لهم فلو شاركهم الكفار في ذلك بطلت البشارة.