لو كان لك بستان ربعه برحي، وربعه سكري، وربعه أمهات حمام، وربعه شقر وكان مقداره ثمانية آلاف كيلو من كل نوع ألفان من الكيلوات، وكان الكيلو من البرحي باثني عشر ريالاً، ومن السكري بستة ريالات، ومن أمهات حمام بثلاثة ريالات، ومن الشقر بريالين، فإن قيمة البرحي أربعة وعشرون ألفاً، وقيمة السكري اثنا عشر ألفاً، وقيمة أمهات حمام ستة آلاف ريال، وقيمة الشقر أربعة آلاف ريال. فزكاة البرحي تساوي ألفاً ومائتي ريال، وزكاة السكري تساوي ستمائة ريال، وزكاة أمهات حمام تساوي ثلاثمائة ريال، وزكاة الشقر تساوي مائتي ريال، فتبلغ زكاة الجميع ألفين وثلاثمائة ريال إذا أخرج زكاة كل نوع منه، ولو أخرجها من البرحي لبلغت أربعة آلاف وثمانمائة ريال، ولو أخرجها من الشقر لم تبلغ إلا ثمانمائة ريال. فإلزام المزكي بإخراجها من البرحي ظلم له، وهو الذي حذر النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً منه. [يعني قوله –صلى الله عليه وسلم-: "إياك وكرائم أموالهم". انظر صحيح البخاري (١٤٥٨) ، وصحيح مسلم (١٩) ] ، والاكتفاء بإخراجها من الشقر ظلم لأهل الزكاة، وهو الذي نهى الله عنه في قوله:{وَلاَ تَيَمَّمُواْ ?لْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاّ? أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَ?عْلَمُو?اْ أَنَّ ?للَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}[البقرة:٢٦٧] . وهو خلاف ما أمر الله به من العدل.
وبهذا المثل يتبين ما وقع فيه كثير من الناس اليوم من ظلم أنفسهم وظلم غيرهم بإخراج الزكاة عن الأنواع الجيدة من أنواع رديئة بالنسبة إليها. وأن الواجب على المؤمن أن ينظر بعين البصيرة والعدل في إخراج الواجب عليه، وأن يحاسب نفسه اليوم لأنه يستطيع التخلص قبل أن يأتيه الموت فيقول:{رَبِّ ?رْجِعُونِ * لَعَلِّى? أَعْمَلُ صَـ?لِحاً فِيمَا تَرَكْتُ}[المؤمنون:٩٩-١٠٠] . أو يقول:{رَبِّ لَوْلا? أَخَّرْتَنِى? إِلَى? أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ ?لصَّـ?لِحِينَ}[المنافون:١٠] . أو يقول:{ي?حَسْرَتَى? عَلَى? مَا فَرَّطَتُ فِى جَنبِ ?للَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ ?لسَّـ?خِرِينَ}[الزمر:٥٦] .
وعن جواز أخذ الدراهم بدلا عن التمر يقول الشيخ - رحمه الله -: