وأما أخذ الدراهم عن التمر ففيه مصلحة كبيرة للفقراء؛ لأنه أنفع لهم وأرغب إليهم، ولقد مضت السنوات السابقة والتمور المقبوضة زكاة في المخازن لم يستفد منها أحد حتى فسدت، وقد علم الناس كلهم قلة رغبة الناس في التمر هذه السنين، فكيف تطيب نفس الفلاح، أو أهل الأصل أن يبيعوا تمورهم بدراهم ثم يخرجوا زكاتها من التمر، وربما يكون من نوع لا يساوي زكاة النوع الجيد. وعليه فإخراج الدراهم فيه فائدة لرب المال من الفلاحين وأهل الأصل، وهي تيقن إبراء ذممهم وخروجهم من العهدة. وإجزاء القيمة عن الزكاة هو مذهب أبي حنيفة ورواية عن الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ وعنه رواية أخرى يجزئ للحاجة. وذكر بعضهم رواية أخرى يجزئ للمصلحة، هذا معنى ما قاله في الفروع (ص ٣٦٥ ج ٢، ط. آل ثاني) . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوى (ص ٢٨، ٣٨ ج ٥٢ لابن القاسم) : وأما إخراج القيمة للحاجة، أو المصلحة، أو العدل فلا بأس به، وذكر لذلك أمثلة منها أن يبيع ثمر بستانه أو زرعه بدراهم، ومنها أن يرى الساعي (يعني جابي الزكاة) أن أخذها أنفع للفقراء.
وأخيرًا سئل الشيخ - رحمه الله رحمة واسعة - ماذا أصنع في السنوات الماضية، فلم أخرج زكاة النخيل التي في بيتي؟
قال الشيخ -رحمه الله-:
أما ما مضى من السنوات وهو لم يزكه جاهلاً، فإنه يقدر الا?ن في نفسه: كم يظن الثمرات الماضية ويخرج زكاتها الا?ن، وليس عليه إثم فيما سبق من تأخير الزكاة؛ لأنه جاهل بذلك، لكن لابد من أداء زكاة ما سبق.