قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-: "وفي سياقه استبعاد وقوع الأمرين من العاقل، أن يبالغ في ضرب امرأته، ثم يجامعها من بقية يومه أو ليلته، والمجامعة أو المضاجعة إنما تستحسن مع ميل النفس، والرغبة في العشرة، والمجلود غالبا ينفر ممن جلده، فوقعت الإشارة إلى ذم ذلك، وأنه إن كان ولا بد فليكن التأديب بالضرب اليسير، بحيث لا يحصل منه النفور التام فلا يفرط في الضرب، ولا يفرط في التأديب ... ولأن ضرب المرأة إنما أبيح من أجل عصيانها زوجها، فيما يجب من حقه عليها" ا. هـ فتح الباري (٩/٣٠٣) عمدة القاري (٢٠/١٩٢) .
ثامنا: عن إياس بن أبي ذباب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تضربوا إماء الله". قال فذئر -أي نشز- النساء، وساءت أخلاقهن على أزواجهن، فقال عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-: ذئر النساء، وساءت أخلاقهن على أزواجهن منذ نهيت عن ضربهن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"فاضربوا" فضرب الناس نساءهم تلك الليلة، فأتى نساء كثير يشتكين الضرب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم حين أصبح:"لقد طاف بآل محمد الليلة سبعون امرأة كلهن يشتكين الضرب، وأيم الله لا تجدون أولئك خياركم". رواه النسائي في الكبرى (٩١٦٧) ، وصححه ابن حبان (٤١٨٩) .
قال الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى-: "فجعل لهم الضرب، وجعل لهم العفو، وأخبر أن الخيار ترك الضرب" ا. هـ الأم (٥/١١٢) .
وقال الحافظ ابن حجر –رحمه الله تعالى-: "فيه دلالة على أن ضربهن مباح في الجملة، ومحل ذلك أن يضربها تأديبا إذا رأى منها ما يكره، فيما يجب عليها فيه طاعته، فإن اكتفى بالتهديد ونحوه كان أفضل، ومهما أمكن الوصول إلى الغرض بالإيهام لا يعدل إلى الفعل، لما في وقوع ذلك من النفرة المضادة لحسن المعاشرة المطلوبة في الزوجية، إلا إذا كان في أمر يتعلق بمعصية الله" ا. هـ فتح الباري (٩/٣٠٤) ، وانظر عون المعبود (٦/١٢٨) .
تاسعا: عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: ما ضَرَبَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده، ولا امرأة، ولا خادمًا، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه، إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل. رواه مسلم (٢٣٢٨) .
قال النووي -رحمه الله تعالى-: "فيه أن ضرب الزوجة، والخادم، والدابة وإن كان مباحا للأدب، فتركه أفضل " ا. هـ شرح صحيح مسلم (١٥/٨٤) .
وقال القاري -رحمه الله تعالى-: "خصا بالذكر اهتماماً بشأنهما، ولكثرة وقوع ضرب هذين، والاحتياج إليه، وضربهما وإن جاز بشرطه، فالأولى تركه، قالوا بخلاف الولد، فإن الأولى تأديبه، ويوجه بأن ضربه لمصلحة تعود إليه، فلم يندب العفو، بخلاف ضرب هذين فإنه لحظ النفس-غالباً- فندب العفو عنهما مخالفة لهواها، وكظماً لغيظها" ا. هـ مرقاة المفاتيح (١٠/٤٨٨) ، وانظر كشاف القناع (٥/٢٠٩) .
عاشرا: عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي". رواه ابن حبان (٤١٧٧) . والبيهقي (٧/٤٦٨) .