النوع الثاني: المال الذي لا تتبعه همة أوساط الناس، كالأقلام الرخيصة والريال والخمسة والعشرة، فهذا النوع يجوز أخذه ولا يجب تعريفه ـ ما لم يكن صاحبه معروفاً فيجب رده إليه، كأن يسقط قلم صاحبك أو يسقط شيئاً لجارك فترده إليه ـ والدليل على ذلك قوله –صلى الله عليه وسلم- في التمرة التي وجدها ساقطة: "لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها. رواه البخاري، في كتاب اللقطة، باب إذا وجد تمرة في الطريق (٢٤٣١) ، ومسلم، كتاب الزكاة، باب تحريم الزكاة على رسول الله –صلى الله عليه وسلم- (١٠٧١) عن أنس بن مالك –رضي الله عنه-.
ووجه الدلالة من الحديث أن التمرة مما لا تتبعه همة أوساط الناس، والنبي –صلى الله عليه وسلم- لم يمنعه من أكلها إلا خوفه من كونها صدقة، فلو لم تكن صدقة لأكلها ولم يعرفها.
ومما يشار إليه هنا أن حديث جابر بن عبد الله –رضي الله عنهما- قال: رخص لنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في العصا والسوط والحبل وأشباهه يلتقطه الرجل ينتفع به، الذي رواه أبو داود، كتاب اللقطة، باب التعريف باللقطة (١٧١٧) ، حديث في إسناده ضعف.
والمقصود بأوساط الناس: أوساط الناس خلقاً ومالاً، فلا عبرة بالبخيل ولا بالمفرِّط في أمواله، كما أنه لا عبرة بالفقير ولا بشديد الغنى، فالعشرة من الريالات إذا فقدها أحد من أوساط الناس لا يهتم بها، لكن لو فقدها فقير فإنه يهتم بها لأنها تضره، وكذلك لو فقدها بخيل فإنه يحزن لذلك ويبحث عنها بحثها طويلاً، وأما الألف فلو فقدها أحد من أوساط الناس فإنه سيبحث عنها، ولكن لو فقدها شخص مضيّع لأمواله فإنه لا يبالي بها، وكذلك لو فقدها من عنده أموال كثيرة فإنه لا يأبه بها.
النوع الثالث: المال الذي لم يتركه أصحابه، وتتبعه همة أوساط الناس، وهذا النوع ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: البهائم، والبهائم لا تخلو من حالين:
الحال الأولى: أن تكون مما يمتنع من صغار السباع كالذئاب ونحوها، مثل: الإبل والخيل.
وهذه الحيوانات لا يجوز أخذها، بل تترك حتى يجدها صاحبها.
الحال الثانية: أن تكون مما لا يمتنع من صغار البهائم، مثل: الغنم والدجاج.
وهذه الحيوانات يجوز لمن يجدها أن يأخذها ويتملكها إن كان لا يعرف صاحبها.
القسم الثاني: الأموال من غير البهائم، كالنقود والمجوهرات والأثاث.
وهذا النوع يجوز التقاطه، ولكن على من التقطه أن يقوم بما يلي:
١. يضبط صفاته جيداً، فلو وجد محفظة فإنه يقوم بضبط صفات هذه المحفظة، بأن يضبط لونها وكم فيها من الأموال؟ والبطاقات التي في المحفظة، ونحو ذلك من الصفات التي لا يعرفها في الغالب إلا صاحبها.