٢. يعرِّفها سنة في مجامع الناس، أي يقوم بالإعلان عن هذا المال المفقود في الأماكن التي يجتمع فيها الناس، والتعريف يختلف باختلاف المال والمكان والزمان، فمن وجد محفظة ضائعة في العمل فإنه يعلن عنها في العمل، ومن وجد حقيبة نسائية ساقطة في السوق فإن تعريفها سيكون في هذا السوق أو في الصحف المحلية وما شابه ذلك، ولكن في التعريف لا يذكر صفات المال الضائع كلها، بل يذكر ما يشير إلى هذا المال، فمن وجد محفظة فإنه يقول: إني وجدت محفظة في المكان الفلاني، فمن كانت له فليراجعني، ولا يقول: فيها كذا وكذا من المال؛ لئلا يأتي من لا يخاف الله، فيقول: هي لي، وهو كاذب في ذلك.
٣. إذا جاءه من يصف هذا المال خلال هذه السنة فإنه يدفع له المال.
٤. إن لم يأته صاحب هذا المال بعد تعريفه سنة فإنه يجوز له أن يتملك هذا المال، لكن متى ما جاء صاحبه يوماً من الدهر فإنه يدفع له هذا المال، وأما إن لم يأته فإن المال يكون للملتقط.
٥. إن كان المال مما يفسد أو تكون نفقة حفظه كبيرة كالخضروات والفواكه فإنه يجوز له أن يأكل هذا المال بعد أن يعرف صفاته، ويجوز له أن يبيعه ويحفظ ماله لصاحبه، فمتى ما جاء صاحبه خلال سنة فإنه يدفع له قيمة هذا الطعام، وإلا فإنه لا شيء عليه.
والدليل على ما تقدم حديث زيد بن خالد الجهني –رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فسأله عن اللقطة، فقال: "اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها"، قال: فضالة الغنم؟ قال: "هي لك أو لأخيك أو للذئب"، قال: فضالة الإبل؟ قال: "ما لك ولها معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها". رواه البخاري في مواضع منها: ما في كتاب في اللقطة، باب إذا لم يوجد صاحب اللقطة بعد سنة فهي لمن (٢٤٣٠) ، ومسلم، كتاب اللقطة (١٧٢٢) .
والعفاص هو الوعاء الذي يجعل فيه النقود، والوكاء ما يربط به الوعاء.
وقوله في ضالة الإبل: "معها حذاؤها" أي خفها، و"سقاؤها" أي جوفها، والمعنى: أنها تستغني بنفسها عن الحفظ بقدرتها على السير المسافات البعيدة وصبرها على العطش.
من أحكام اللقطة:
١. الملتقط أمين، فلو تلف المال عنده من غير تعدٍّ ولا تفريط فإنه لا يضمن المال التالف.
٢. أجرة التعريف على صاحب المال؛ لأن الملتقط محسن و (ما على المحسنين من سبيل) ، لكن لو لم يأت صاحب المال فإن المال يكون للملتقط ـ كما سبق ـ وتكون أجرة التعريف عليه.
٣. المال إن احتاج إلى نفقة فحكمه حكم التعريف، ينفق عليه الملتقط، والنفقة تكون على صاحب المال، وإذا لم يأت صاحب المال فالمال يكون للملتقط، وكذلك النفقة تكون عليه، هذا إذا كان قد نوى الرجوع على صاحب المال بالنفقة، أما إذا كان قد نوى الإحسان على صاحب المال وفي نيته أنه لا يريد منه شيئاً فإنه لا يرجع.
٤. لا يجوز إنشاد الضالة في المساجد، وكذلك تعريفها لا يجوز في المساجد؛ لأن المساجد لم تبن لذلك، يقول –صلى الله عليه وسلم-: "من سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا ردها الله عليك؛ فإن المساجد لم تبن لهذا". لكن يجوز ذلك على أبواب المساجد.