فدل هذا الحديث على جواز الخروج بعد انتهاء العدة وقبل العدة.
٤- قال ابن القيم في زاد المعاد (٥/٦٩٢-٦٩٣) : وقد ذكر عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير، قال: قال مجاهد: استشهد رجال يوم أحد فجاء نساؤهم إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلن: إنا نستوحش يا رسول الله بالليل فنبيت عند إحدانا حتى إذا أصبحنا تبددنا في بيوتنا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تحدثن عند إحداكن ما بدا لكن، فإذا أردتن النوم فلتؤب كل امرأة إلى بيتها"، وهذا وإن كان مرسلا، فالظاهر أن مجاهدا، إما أن يكون سمعه من تابعي ثقة أو من صحابي، والتابعون لم يكن الكذب معروفا فيهم، وهم ثاني القرون المفضلة، وقد شاهدوا أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأخذوا العلم عنهم، وهم خير الأمة بعدهم، فلا يظن بهم الكذب على رسول الله -صلى الله عليه سلم- ولا الرواية عن الكذابين، ولا سيما العالم منهم إذا جزم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالرواية وشهد له بالحديث، فقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأمر، ونهى، فيبعد كل البعد أن يقدم على ذلك مع كون الواسطة بينه وبين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كذابا، أو مجهولا، وهذا بخلاف مراسيل من بعدهم، فكلما تأخرت القرون ساء الظن بالمراسيل، ولم يشهد بها على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبالجملة فليس الاعتماد على هذا المرسل وحده وبالله التوفيق.
ولهذه الأحاديث اشترط بعض العلماء للخروج الضرورة، وبعضهم اشترط الحاجة، وهو الصحيح مع اشتراط الاحتشام، وترك الزينة، والطيب، وكل ما يدعو إلى الفتنة.
وجاء في فتاوى العلماء المعاصرين للمحدة على زوجها المأمورة بالبقاء في بيتها: جواز خروجها منه حتى للحاجة، وقد أفتى بذلك ابن باز وابن عثيمين -رحمهما الله- وابن جبرين -حفظه الله- ومن الحاجات التي نصوا عليها: التدريس، والدراسة، وشراء الحاجات من السوق إن لم يوجد من يشتري لها، والاستطباب.
قلت: فخروج المرأة للحاجة في غير زمن الإحداد من باب أولى. والله تعالى أعلم.