والقول الرابع: أنها لا تطلق إلا عند مجيء الأجل وهو قول الجمهور، وإنما تنازعوا هل هو مطلق في الحال، ومجيء رأس الشهر شرط لنفوذ الطلاق، كما لو وكله في الحال، وقال: لا تتصرف إلى رأس شهر، فمجيء رأس الشهر شرط لنفوذ تصرفه لا لحصول الوكالة. بخلاف ما إذا قال: إذا جاء رأس الشهر فقد وكلتك؛ ولهذا يفرق الشافعي بينهما، فيصحح الأولى ويبطل الثانية، أو يقال: ليس مطلقاً في الحال وإنما هو مطلق عند مجيء الأجل فيقدر حينئذ أنه قال: أنت طالق. فيكون حصول الشرط وتقدير حصول أنت طالق معا، فعلى التقدير الأول السبب تقدم وتأخر شرط تأثيره، وعلى التقدير الثاني نفس السبب تأخر تقديرا إلى مجيء الوقت، وكأنه قال: إذا جاء رأس الشهر فحينئذ أنا قائل لك: أنت طالق، فإذا جاء رأس الشهر قدر قائلاً لذلك اللفظ المتقدم، فمذهب الحنفية أن الشرط يمتنع به وجود العلة، فإذا وجد الشرط وجدت العلة، فيصير وجودها مضافاً إلى الشرط، وقبل تحققه لم يكن المعلق عليه علة بخلاف الوجوب فإنه ثابت قبل مجيء الشرط، فإذا قال: إن دخلت الدار فأنت طالق فالعلة للوقوع التلفظ بالطلاق، والشرط الدخول وتأثيره في امتناع وجود العلة قبله فإذا وجد وجدت، وأصحاب الشافعي يقولون: أثر الشرط في تراخي الحكم، والعلة قد وجدت، وإنما تراخي تأثيرها إلى وقت مجيء الشرط، فالمتقدم علة قد تأخر تأثيرها إلى مجيء الشرط" ا. هـ إغاثة اللهفان (١/١٧٢) . والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.