للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي أن المشترك في هذه الحالة لا يريد التسويق ولا يطمح إليه، وإنما يريد المنتج والاستفادة منه فحسب. وإذا أردنا أن نتعرف على حقيقة هذه الصورة، دعنا نسأل السؤال التالي:

لنفترض أن أحد التجار أعلن أن من يشتري من السلع التي لديه فسيدخل تلقائياً في عملية سحب على جائزة نقدية قيمتها عشرة آلاف ريال، مثلاً. وأن التاجر من أجل تمويل هذه الجائزة، رفع سعر السلع لديه بنسبة ١٠%. بمعنى أن من أراد أن يشتري سلعة ويدخل في السحب، فسيدفع مقابل السلعة التي قيمتها ١٠ ريالات ثمناً مقداره ١١ ريالاً. فما حكم دفع هذه الزيادة؟

لا ريب أن دفع هذه الزيادة محرم، لأنها جاءت مقابل الدخول في السحب على الجائزة، وعملية السحب من الميسر المحرم بالنص والإجماع. فمن أراد أن يشتري فيجب أن يدفع الثمن الأصلي للسلعة، أو ثمن المثل، دون أي زيادة، ومن ثم عدم الدخول في عملية السحب.

والآن نسأل سؤالاً آخر. ما الحكم إذا قال التاجر: أنا لا أبيع السلعة إلا بالسعر الزائد ابتداء، أي ١١ ريالاً، ولا أسمح بالشراء بسعر المثل؟ الجواب: لا شك أن هذه الحالة أسوأ من التي قبلها، لأنها جمعت بين الميسر وبين الإلجاء.

وإذا نظرنا للثمن الذي تطلبه شركة بزناس، بحسب ما تعلنه الشركة على الملأ وبوضوح ودون تردد، نجد أنه يتكون من جزئين: أحدهما لتمويل التسويق الهرمي، والآخر الثمن الفعلي للمنتج. فالثمن الإجمالي هو ٩٩ دولاراً. ثلاثة أرباعه، أي ٧٥ دولاراً، مخصص للتسويق، بينما يخصص المتبقي، وهو ٢٤ دولاراً، للمنتج. وهم يقولون: بدلاً من صرف هذا المقدار المخصص للتسويق على الدعاية والإعلان وما إلى ذلك، من الأفضل أن يصرف على الأعضاء أنفسهم من خلال التسلسل الهرمي.

لكن من حقنا أن نسأل: من الذي سيحصل على عوائد مخصص التسويق؟ أليسوا هم الذين يباشرون التسويق؟ فما ذنب المشتري الذي يريد المنتج ولا يريد التسويق؟ أليس في هذا إلجاء للمشتري بأن يمارس التسويق طلباً للعمولات الكبيرة التي يعدونه بها، طالما هو قد دفع ثمن الاشتراك مقدماً ودون اختيار؟

فإن كانت الشركة لا تلزم المشتري بالتسويق كما تزعم، فيجب أن تلغي مخصص التسويق من الثمن، وتبيعه السلعة بثمن المثل فحسب. أما أن تلزمه بدفع قيمة الاشتراك في التسلسل الهرمي مقدماً، مع كونه لا يريد التسويق ولا الاشتراك في الهرم، فهذا إلجاء واحتيال، شأنه شأن الاحتيال في الحالة الأولى. وإذا رضي المشتري بذلك كان حكمه حكم من رضي بدفع الزيادة في الثمن مقابل الدخول في الميسر في المثال السابق.

وهذا الاحتيال في الحقيقة مقصود للشركة، لأنها لا تجرؤ على فصل التسلسل الهرمي عن السلعة، إذ الأول ممنوع شرعاً وقانوناً كما سبق. فاضطروا لأجل ذلك إلى دمج ثمن السلعة مع ثمن الاشتراك، ليبدو للناظر أن الثمن كله مقابل السلعة. والحال، بتصريح أصحاب الشركة أنفسهم، ليس كذلك. فلو لم يكن التسلسل الهرمي مقصوداً لما كان ثمن السلعة بهذا الشكل. فيقال هنا ما قاله شيخ الإسلام رحمه الله: " أفلا أفردت أحد العقدين عن الآخر ثم نظرت هل كنت مبتاعها أو بايعه بهذا الثمن أم لا؟ " (٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>