للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أجل تحرير محل النزاع، من الأفضل بيان الحالات المختلفة للمشترك في هذا البرنامج في وجود المنتج، وهي لا تخرج عن ثلاث:

(١) أن يكون قصد المشترك هو التسويق وليس المنتج.

(٢) أن يكون قصده المنتج وليس التسويق.

(٣) ألا يتبيّن ما هو مقصوده، أو أن يتردد بينهما، أو يريدهما معاً.

الحالة الأولى: المقصود هو التسويق وليس المنتج

بمعنى أن المشترك هدفه التسويق أو السمسرة وما يترتب عليه من عمولات وأرباح، وليس شراء المنتج ولا الانتفاع به. ومن المتقرر فقهاً واقتصاداً وواقعاً أن السمسار يقوم بدور الوسيط بين التاجر بائع السلعة وبين المشتري. فإذا نجح السمسار في بيع السلعة نيابة عن التاجر أخذ عمولة مقابل عمله. لكن لا يقول أحد إن السمسار يجب أن يشتري من التاجر سلعة لكي يسمح له بتسويق بقية السلع. فالسمسار ليس قصده السلعة وإنما التسويق، وهذا هو الافتراض الذي انطلقنا منه في هذه الحالة. فإذا كان الهدف هو التسويق وليس السلعة فإن إلزامه بالشراء من أجل الحصول على عمولة السمسرة شرط ملجئ لا يجوز بنص الحديث النبوي في النهي عن بيعتين في بيعة. فالشراء بيعة شرطت في عقد السمسرة، والأخير نوع من البيع (لأن الإجارة بيع للمنفعة) . فاشتراط أحدهما في الآخر ممنوع بالنص.

وإذا نظرنا إلى أنظمة شركة "بزناس" وجدناها تضع من الشروط ما يلجئ المسوّق إلى الشراء ولو لم يكن له أي رغبة في السلعة. فأنظمة الشركة تسمح لمن يرغب بالتسويق فقط ألا يشتري المنتج. لكنها لا تسمح له باستعمال موقع الشركة على الإنترنت في تسويق المنتج وعرضه على العملاء الجدد، بل من خلال الفاكس (تماماً كما هو حال الشركة الأمريكية سكاي بز التي سبق الحديث عنها في المقال السابق) . وفوق ذلك فإن المسوق لن يحصل على أي عمولة إلا إذا قام المسوّقون الذين يلونه في الهرم بالشراء. والقول في هؤلاء كالقول في الأول، سواء بسواء. فصارت النتيجة أنه لا يحصل المسوّق على أي عمولة إلا بالشراء، وهذا شرط باطل شرعاً، كما سبق.

وحكمة النهي عن بيعتين في بيعة، وعن شرطين في بيع وعن سلف وبيع، التنبيه إلى وجود خلل في الصفقة أساساً، وأن مقصود الطرفين ليس ظاهر الصفقة، بل هو أمر محرم لم يتمكنا من تحقيقه مباشرة، فاحتالوا على ذلك بإدخال صفقة أخرى غير مرادة ولا تغير من حقيقة الأمر شيئاً، توصلاً للمراد الممنوع. فبيّن صلى الله عليه وسلم أن هذه الشروط لا تجعل الحرام الذي قصده الطرفان حلالاً، وأن العبرة في ما قصده الطرفان حقيقة، لا فيما أظهراه من البياعات والشروط الشكلية. والمحرّم الذي قصده الطرفان هنا هو الاشتراك في التسلسل الهرمي بقصد الكسب. ولما كان هذا محرماً شرعاً وممنوعاً قانوناً، أدخلوا السلعة احتيالاً وتلبيساً على الناس. وهذا التحايل قد يروج على بعض القوانين الأرضية، لكنه لا يروج على هذه الشريعة السماوية الكاملة. فالله تعالى عند قلب كل عبد ولسانه، ومهما حاول هؤلاء خداع الخلق فلن يفلحوا في خداع الخالق: {يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون} .

الحالة الثانية: المقصود هو المنتج وليس التسويق

<<  <  ج: ص:  >  >>