وبعد أرجو ألا أكون قد أثقلت عليكم بهذه الرسالة المطولة، ولكن هذه أول مرة أتحدث عما بداخلي، وأطلب الرأي فيه، فإنني أيضاً أشعر بتأنيب ضميري تجاه الطبيب، إذ أخبرتني أمي أنه مريض، وقد ساءت حالته النفسية في عمله؛ لأنه استشعر عدم قبولي، فهل سيحاسبني الله على ذلك؟ وكيف أخبره برفضي؟ وكيف أجيبه عن السبب؟ وماذا عن مشاعري؟
أرجو ألا تأخذوا عنى فكرة أنني سطحية، وأهتم بالمظهر فقط، كما أنني لست مسئولة عن كل من أحبني، فقد تقدم لي زملاء كثيرون؛ يريدون الارتباط بي؛ لهدوئي؛ وأخلاقي؛ والتزامي مع الجميع.
هل أنا على صواب أم لا؟
أرجو منكم الرد سريعاً؛ حتى أبلغ الطبيب، فأنا لا أريد أن أعلقه أكثر من هذا، وأرجو أن أكون قد أوضحت الصورة؛ حتى يكون ردكم على رؤية سليمة وواضحة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
بدايةً أشكر للسائلة ذلك التفصيل الذي تفضلت به، فهو مما يعين المرشد الاجتماعي، ويكشف جوانب كثيرة تساعد على دلالة المرشد والمسترشد للحل الأمثل – بإذن الله-، وهذا ما تحقق في هذه السائلة بشكل عام.
وبدايةً دعيني أُقدم بعدد من المقدمات من المصلحة استحضارها في الذهن، وأنتِ على وشك اتخاذ القرار النهائي في هذا الموضوع المصيري:
(١) التريث مطلوب، بل واجب؛ لأن القرار الذي ستتخذينه مصيري؛ ولأنه مستقبل عمر، وقرار سيترتب عليه المضي فيه؛ حتى يترك الإنسان الدنيا في الغالب.
(٢) الإسلام شرع الرؤية بين الخاطبين لحكم عظيمة وعديدة، ومنها: التأكد من عدم وجود موانع خلقية كبيرة تمنع قبول كل طرف من الآخر، ومنها طرح القبول المبدئي بين الطرفين، ومنها التأكد من وجود الارتياح النفسي لشكل الطرف الآخر الجمالي، وهو أمر معتبر في الإسلام، وإن كان غير مقدم، ولكنه معتبر، وله وزنه، والدليل حديث الرسول – صلى الله عليه وسلم- عندما قال: "تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" رواه البخاري (٥٠٩٠) ، ومسلم (١٤٦٦) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -.
(٣) ضرورة أن تتعدد موازين الاختيار لديك في زوج المستقبل، وعدم التركيز على جانب دون آخر إلا في جانب الدين، كما أمر بذلك المصطفى – صلى الله عليه وسلم-، وأقصد بذلك وضع عدد من المحددات في قرار الاختيار – وكلها بعد الدين بالطبع- ومنها: الشكل، القبول النفسي العام، الود الظاهر، الارتياح العام- بعد صلاة الاستخارة – رضا الوالدين، ورغبتهما.
(٤) كأني فهمت من الرسالة أن أسرتك لا تفضل الطبيب كثيراً؛ بسبب وضعه الاجتماعي، في حين وضع المهندس الاجتماعي، والعائلي يتقارب مع وضعكم الاجتماعي، وهذه نقطة هامة، وهي ضرورة وجود تقارب إلى حد ما في الوضع الاجتماعي والعائلي بين الزوجين؛ لضمان استمرار العلاقة، وفهم كل منهما الآخر.