فليس هناك أحد معصوم من الخطأ والزلل إلا الأنبياء - صلوات ربي وتسليماته عليهم جميعاً - حتى الصحابة الكرام - رضوان الله عليهم جميعاً- لم يسلموا من هذه الأخطاء، وتلك الذنوب، وما حديث المرأة الغامدية - رضي الله عنها - التي زنت وذهبت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- لكي يقيم عليها الحد عنك ببعيد، وكذلك حديث ماعز - رضي الله عنه - الذي زنى هو الآخر، وذهب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- ليقيم عليه الحد، وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم- برجم كل من الغامدية وماعز - رضي الله عنهما- حتى قال - صلى الله عليه وسلم- عن الغامدية - رضي الله عنها -: "لقد تابت توبة لو قُسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها لله - عز وجل -؟! " أخرجه مسلم (١٦٩٦) ، من حديث عمران بن حصين - رضي الله عنهما- فالله - سبحانه وتعالى - أرحم بعباده، فقد جعل لهم مخرجاً ومنفذاًُ إذا وقعوا في الخطأ، وذلك بالتوبة والاستغفار وفعل الخير، لذلك قال - تعالى -: "إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين"[هود: ١١٤] ، وكذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم- لأمنا عائشة - رضي الله عنها- لما رماها المنافقون بالزنا - وحاشها ذلك- قال لها:"يا عائشة، إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله، وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه وتاب إلى الله تاب الله عليه" رواه البخاري (٤٧٥٠) .
(٢) هل كان اختيارك لهذه الزوجة على أساس ديني أم ماذا؟ قال - صلى الله عليه وسلم-: "تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين، تربت يداك" متفق عليه عند البخاري (٥٠٩٠) ، ومسلم (١٤٦٦) ، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-، ومعنى قوله - صلى الله عليه وسلم-: "تربت يداك" أي فزت وربحت لاختيارك صاحبة الدين على من سواها، فهل كان اختيارك لهذه الفتاة على هذا الاختيار أم ماذا؟.
(٣) الزواج نعمة عظيمة ومنحة من الله جسيمة، فهو رباط شرعي مقدَّس، وقد سماه الله - سبحانه وتعالى - ميثاقاً غليظاً، وقد أحاطه الله - سبحانه وتعالى - بحصون كثيرة تمنعه من الاهتزاز والسقوط، وأمرنا جميعاً أن نتعاون فيما بيننا ونعمل على حماية هذا الصرح الشامخ، وذلك بكل الوسائل المحكمة والمتاحة لنا، وأن نتجاوز عن كثير من المشاكل والعقبات التي قد تؤدي إلى انهيار هذا البناء، قال -تعالى -: "وعاشروهن بالمعروف"[النساء: ١٩] ، وقال - صلى الله عليه وسلم-: "استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء" متفق عليه عند البخاري (٥١٨٤) ، ومسلم (١٤٦٨) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
فبناء على ما تقدم أرى أن عليك الآتي:
(١) إذا تابت هذه المرأة من هذا الذنب العظيم توبة نصوحا، ً وأحسستَ منها صدق التوبة فليس لك عليها سبيل فامسكها وأحسن إليها، أما إذا كانت باقية على هذا الذنب فلا يحل لك البقاء معها؛ لأن الله حرم ذلك على المؤمنين قال -تعالى-: "الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين"[النور: ٣] .