للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصدق رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذ يقول:"لتتبعنّ سنن من كان قبلكم شبراً شبراً وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم" أخرجه البخاري (٧٣٢٠) ومسلم (٢٦٦٩) من حديث أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه-، فهذه المقالة هي مقالة اليهود والنصارى التي كذَّبهم الله تعالى عليها، وردَّ عليهم لهذه الدعوى الباطلة منهم، فقال تعالى:"وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممّن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير" [المائدة: ١٨] .

قال الحافظ ابن كثير في تفسيرها (٢/٥٢٩) : " قال تعالى رادّاً على اليهود والنصارى في كذبهم وافترائهم " وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه " أي نحن المنتسبون إلى أنبيائه، وهم بنوه وله بهم عناية وهو يحبّنا " وفسَّر جمعٌ من السلف وأهل العلم قوله تعالى:" ألم تر إلى الذين يزكّون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثماً مبيناً" [النساء: ٤٩-٥٠] أن هذه الآية نزلت في اليهود والنصارى، لمّا قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه، فرد الله تعالى عليهم هذا الثناء منهم لأنفسهم، ثم وصف هذه المقالة منهم بأنها افتراء للكذب على الله، وأنه كفى بمثل هذا الكذب إثماً واضحاً عظيماً.

وأما الحديث الذي احتجَّ به صاحب تلك المقالة، فهو حديث شديد الضعف، كما بين ذلك ابن عدي في الكامل (٥/١٦٢) ، (٦/٣٤١-٣٤٢) ، (٧/١٥٣-١٥٤) ، وابن حبان في المجروحين (٢/٢٣٨) ، والنووي في فتاويه (٢٥١) رقم (١٠) ، والهيثمي في مجمع الزوائد (٨/١٩١) والألباني في السلسلة الضعيفة رقم (١٩٠٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>