للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أن لفظ هذا الحديث –أيضاً- يختلف عن العبارة التي ذكرها ذلك القائل؛ لأن العيال في اللغة مأخوذةٌ من عال يعول، بمعنى قام بالكفاية والمؤونة، فمعنى: " الخلق عيال الله ": أي أن الله –تعالى- هو الذي يقوم بأرزاقهم وما يُصلح شأنهم. هذا هو معناها اللغوي، دون تأويل، وإن كان هذا المعنى قد يخفى على بعض الناس اليوم؛ لاستعمالهم لفظ العيال عُرفاً بمعنى الأبناء.

وأمّا إطلاق القائل عن اليهود والنصارى بأنهم إخوة لنا في الإنسانية، فهي عبارةٌ خطيرةٌ تُخالف النصوص الكثيرة الصريحة في القرآن والسنة الدالة على البراءة من الكفار، كقوله تعالى " لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حادّ الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم " [المجادلة: ٢٢] ، وقوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين" [المائدة: ٥١] .

أضف إلى ذلك أن لفظ الأخوة إنما يُطلق في اللغة على أخوة النسب القريب (الأخوة الأشقاء أو لأب واحد أو أم واحدة) ، أو على الصديق والصاحب، وكل هذه لا تنطبق على اليهود والنصارى لمن لا يمتُّ لهم بقربى النسب (كأن يكون أحد أبويه يهودياً أو نصرانياً أو كلاهما) .

ويطلق لفظ الإخوة في الشرع على أُخوّة الدين، كقوله تعالى: " إنما المؤمنون إخوة" [الحجرات: ١٠] ، وقوله –سبحانه-: " فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين " [التوبة: ١١] بل جاء الإسلام بإلغاء أخوة النسب التي تعني: النصرة والولاية مع اختلاف الدين، كما في الآية السابقة في سورة المجادلة، وكما في قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون " [التوبة: ٢٣] .

<<  <  ج: ص:  >  >>