فمرحبا بك ـ أختنا الكريمة ـ وندعو الله تعالى أن يرفع عنك ما أهمك وما أغمك، وأن يبدل حالك إلى أحسن الأحوال، واعلمي يا أختاه أن دوام الحال من المحال، وأن الله يعز من يشاء ويذل من يشاء، وهو الذي يقلب الليل والنهار، فلن يبقى الظالم ظالمًا ولا المظلوم مظلومًا، واعلمي أن الدنيا دار ابتلاء وشقاء، فقد يبتلى الرجل بزوجة سيئة الخلق يشقى بها، وكذلك المرأة قد تبتلى بزوج ظالم يسيمها سوء العذاب، وما على هذا تقوم حياة الأسرة المسلمة، فللإسلام رأيه ومنهجه في حالة الحب والكره، في الاستقرار والانفصال، ولم يترك أهله دون تشريع ينظم لهم أمورهم، ولقد أوصى الإسلام الزوج بزوجته، وكذلك أوصى المرأة بزوجها، وأوصى كلاهما بأولادهم حفظًا ورعاية ونفقة، كما أن في هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الأسوة في علاقته مع أزواجه: يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ (وكانت سيرته مع أزواجه: حسن المعاشرة، وحسن الخلق. وكان يسرب على عائشة بنات الأنصار يلعبن معها. وكانت إذا هوت شيئًا لا محذور فيه تابعها عليه. وكانت إذا شربت من الإناء أخذه فوضع فمه موضع فمها وشرب، وكان إذا تعرقت عرقًا ـ وهو العظم الذي عليه لحم ـ أخذه فوضع فمه موضع فمها ... ) ويضيف ابن القيم (وكان لطفه وحسن خلقه أنه يمكنها من اللعب ويريها الحبشة، وهم يلعبون في مسجده، وهي متكئة على منكبيه، تنظر وسابقها في السير على الأقدام مرتين.. وتدافعا في خروجهما من المنزل مرة) . (وكان يقول:"خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهله") أخرجه الترمذي (٣٨٩٥) كما أن الشريعة ـ يا أختنا الكريمة ـ ويفترض أن يكون مطلقك ـ دكتور الشريعة ـ سامحه الله ـ أعلم بذلك، أقول: إن الشريعة أوجبت على الزوج أن يوفر لامرأته المطالب المادية من النفقة والكسوة والمسكن والعلاج ونحوها، بحسب حاله وحالها، ومن الآداب الزوجية التي ذكرها الغزالي في "إحياء علوم الدين": أن يزيد على احتمال الأذى منها، بالمداعبة والمزاح والملاعبة، فهي التي تطيب قلوب النساء، أما إذا استحالت العشرة ووصل الأمر إلى الطلاق؛ فينبغي أن يكون بالمعروف، قال تعالى:(وعاشروهن بالمعروف)[النساء:١٩] ؛ لذا فإني ـ وفي حالتك هذه ـ أنصحك يا أختنا بالآتي:
١ـ تكرار المحاولة مع زوجك هذا بتذكيره بحقوقكم عليه أنت والأولاد، وليكن هذا ـ مثلاً ـ عن طريق الأولاد فربما لان قلبه، ورق فؤاده
٢ ـ توسيط بعض أقاربه أو أقاربك ممن تتوسمين فيهم الحكمة والصلاح، وإلا فبعض من زملاء مهنته من أساتذة الفقه والشريعة
٣- فإن لم تفلح هذه المحاولات ولم تأت بنتيجة، ولم تصل بك إلى حق، فلا عليك أن تلجئي إلى مقاضاته لأخذ حقك وحق أولادك، وإن كنا نفضل أن يمتثل لأمر الله ورسوله من قريب، وأن يعطي الحق لأهله، وألا ينسى الفضل بينكم،