وقال ابن تيمية في رده على البكري ص: ٢٦٠ (كنت أقول للجهمية من الحلولية والنفاة الذين نفوا أن الله فوق العرش لما وقعت محنتهم: أنا لو وافقتكم كنت كافراً لأني أعلم أن قولكم كفر وأنتم عندي لا تكفرون لأنكم جهال وكان هذا خطاباً لعلمائهم وقضاتهم وشيوخهم وأمرائهم وأصل جهلهم شبهات عقلية حصلت لرؤوسهم في قصور معرفة المنقول الصحيح والمعقول الصريح الموافق له) أ. هـ، وبناء على هذا نقول شبهات هؤلاء الحكام في هذا العصر هي شبهات أولئك الأمراء والقضاة في السابق، والحجة الشرعية لا تقوم على المخالف عامة في الاعتقاد أو غيره، بمجرد بلوغه الدليل بل لابد مع ذلك من فهم تلك الحجة جيداً بمعرفة لوازمها إثباتاً ونفياً، وأظهر دليل على هذا حكم الله في المنافقين بأن يعاملوا معاملة المسلمين في الدنيا، وإن كانوا في الآخرة من أهل الجحيم؛ كما أخبر الله "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا"[النساء:١٤٥] ، ولقد حدثنا الله عن المنافقين الذين صرح الله بكفرهم في كتابه وقد عاملهم رسوله – صلى الله عليه وسلم – معاملة المسلمين لقيامهم بشعائر الإسلام في الظاهر وإن أسروا خلافها؛ قال الله تعالى:"وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ"[التوبة: ٦٥-٦٦] ، فحكام المسلمين اليوم الذين يؤدون شعائر الإسلام الظاهرة، وفي نفس الوقت يحكمون القوانين الوضعية حكمهم حكم المنافقين في الدنيا، وهذا موافق لمذهب السلف بعدم تكفير المسلم المعين إلا بعد توفر الشروط وانتفاء الموانع.